الاقتصاد التركي
بوادر انتعاش سريع.. ماذا ينتظر الاقتصاد التركي ما بعد الجائحة؟
استطاعت الحكومة التركية عبر تدابيرها القوية أن تخفف من تداعيات وباء كورونا على البلاد من الناحية الاقتصادية، وسط توقعات ببدء مرحلة من الانتعاش السريع في النصف الثاني من العام الحالي.
وقبل أيام، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ عجلة الاقتصاد ستعود مجددا لسرعتها الكاملة مع رفع تدابير كورونا تدريجيا، وأن “التغيير الذي يطرأ على العالم يتيح أمام بلدنا فرصا جديدة وكبيرة”.
وأشارت تقارير إعلامية إلى إمكانية أن يبدأ انتعاش الاقتصاد التركي، اعتبارا من النصف الثاني 2020، بعد الآثار السلبية التي يخلفها فيروس كورونا محليا وعالميا، خاصة في قطاعات السياحة والصناعة والصادرات.
وذكرت أن إجراءات لوزارة الخزانة والمالية والبنك المركزي التركيين، نجحت في التخفيف من تداعيات تفشي الفيروس على الاقتصاد المحلي والمالية العامة للبلاد، من خلال ضخ سيولة في الأسواق والتدخل لحمايتها بحسب ما نشر موقع ترك برس .
وفي هذا الصدد، اعتبر محافظ البنك المركزي مراد أويصال، خلال مقابلة مع وكالة الأناضول الشهر المنصرم، أن الانتعاش في النصف الثاني 2020 سيكون سريعا، بعد المسار الضعيف في الربع الثاني الجاري.
ويوضح أويصال، أنه بمجرد عودة الحياة اليومية والتجارية إلى طبيعتها، فإن الاقتصاد التركي بفضل هيكله الديناميكي، سيتمكن من التغلب على التراجع خلال وقت قصير.
ويضيف: “يُحتمل أن يكون للوباء في الربع الثاني 2020، أثر أكثر وضوحا على توقعات النمو؛ وتشير البيانات إلى أن الضعف الذي بدأ في مارس (آذار) الماضي قد استمر خلال أبريل (نيسان) الماضي”.
يأتي هذا التراجع مدفوعا بهبوط صادرات تركيا عبر جميع الوجهات، أبرزها الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، فيما فرضت قيود السفر لمنع انتشار كورونا، آثارا سلبية على السياحة وأنشطة النقل ذات الصلة.
وعلى جانب الاستهلاك، يقول المحافظ إن السوق التركية شهدت خفضا في الإنفاق، “الذي بدأ بالخطوط الجوية منتصف مارس، وطال أغلب مجموعات الإنفاق بحلول نهاية الشهر”.
ويتابع أويصال: “ومع ذلك، توقفت الانخفاضات الأسبوعية القوية في الأسبوع الأول من أبريل، وهو ما نتخذه إشارة إيجابية إلى أننا ربما مررنا بذروة الانخفاض في النفقات الاستهلاكية”.
وأضاف هبوط أسعار النفط الخام عالميا بنسبة النصف، ميزة للأسواق التركية عبر احتوائه آثار الخسارة في إيرادات صادرات السلع والخدمات، على رصيد الحساب الجاري.
ولمواجهة تأثير الجائحة السلبي على الاقتصاد التركي، أدخل البنك المركزي مجموعة تدابير، أبرزها خفض أسعار الفائدة لضخ السيولة التي تشتد الحاجة إليها في الأسواق، وتحسين التدفق النقدي للشركات.
ويبيّن أويصال، أن البنك المركزي يهدف من إجراءاته، إلى تزويد البنوك بالمرونة في إدارة السيولة بالليرة التركية والنقد الأجنبي، وبالتالي تعزيز القدرة على التنبؤ.
ويردف: “نحاول أيضا تأمين تدفق مستمر من الائتمان إلى قطاع الشركات الأكثر تضررا.. كما نحاول دعم التدفق النقدي للشركات المصدرة من خلال ائتمانات إعادة الخصم”.
ولتقديم ضمانات عالية الجودة للبنوك، يفيد أويصال: “قررنا تحويل الأوراق المالية المدعومة بالأصول والأخرى المدعومة بالرهن العقاري، إلى مجمع الضمانات.. ستكون الأوراق من الدرجة الاستثمارية وبسعر مخفض، يختلف بحسب مخاطر الاستحقاق”.
ويضيف: “نراقب كيف سيستجيب اقتصاد تركيا لهذه التدابير، وأن يقدم سياسات ديناميكية ومرنة ومتسقة، البنك قادر على اتخاذ قرارات سريعة وتحويلها إلى أفعال، ولدينا مجموعة شاملة ومرنة من الأدوات يمكننا نشرها بحسب الحاجة”.
يرى محافظ البنك المركزي أن مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) لا يزال طفيفا رغم انخفاض قيمة الليرة بسبب التطورات العالمية.
ويستطرد: “يمكننا القول، إن الانخفاض الحاد في أسعار السلع الأساسية الدولية، والنفط الخام وأسعار المعادن على وجه الخصوص، يؤثر بشكل إيجابي على توقعات التضخم”.
ويتابع أويصال: “نتصور أن أسعار السلع الأساسية وظروف الطلب الكلي ستحد من التضخم رغم تطورات أسعار الصرف.. في ظل هذه الخلفية، فإننا نقيم المخاطر التي تهدد توقعات التضخم”.
ويؤكد أن الخطوات التيسيرية التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا، لدعم الإمكانات الإنتاجية للاقتصاد، وبالتالي الاستقرار المالي، “تهدف إلى ضمان المرور بهذه الفترة الاستثنائية بأقل حد ممكن من الضرر”.
وشارك البنك المركزي، قبل فترة في اجتماع الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، تبادل خلاله “وجهات نظرنا حول الحد من ضغوط النظام المالي، وضمان سير التجارة الدولية دون انقطاع”.
كما شارك “المركزي التركي” في اجتماعات مجموعة العشرين التي “ناقشت على وجه الخصوص، التدابير الاقتصادية الممكنة، فضلا عن مضمونها ومقدارها وتنسيقها”.
وتشير تقييمات المنظمات الدولية، إلى أن التوقعات بشأن التوقعات العالمية غير مواتية بسبب تفشي كورونا.
وفي حين أن أوجه عدم اليقين لا تزال مرتفعة بسبب الوباء، فمن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد العالمي تدريجيا على خلفية التدابير المتخذة.
وجرى خلال الاجتماعات “تأكيد أهمية المصارف المركزية والسلطات المالية العالمية بصفة خاصة أن تتخذ إجراءات فورية، وأن تواصل تعاونها في الفترة الحالية”.