اخبار تركيا بالعربي
لقاء أردوغان الأسد متى ولماذا؟
هذا عنوان بدأت كتابته بعد تصريحات الرئيس أردغان بعد لقاءه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بافتتاحية دورة كأس العالم لكرة القدم بقطر لكن لم يتح لي كتابة نهايته في حينها، لتأتي الأحداث المتسارعة واللقاء الرسمي الأول بين النظام وتركيا برعاية روسية لتؤكد اقتراب موعد اللقاء المنتظر.
أثارت هذه التصريحات والأحداث المتسارعة ردود أفعال متناقضة بين مؤيد ومستنكر ومستغرب ومنزعج .
اختلاف التقييم والتفسير وردود الافعال تنوعت واختلفت حسب انتماء الشخص العقدي والوطني وقربه وبعده من الحدث، وخلفيته الثقافية والسياسية ،وما قد ينعكس عليه من نتائج لهذا اللقاء إن حصل بالقريب العاجل.
البعض أيدها ورآها خطوة متأخرة ولكن أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي ،والبعض فسرها بـأنها الخطوة التي تدل على الحكمة السياسية وأن لا خلاف دائم بين الدول إنما المصالح هي الأساس للعلاقات الدولية وأتت بتوقيتها المناسب وما كان لها أن تكون قبل هذا الوقت.
وهذه كانت غالبية مواقف الكتاب وأصحاب الأقلام الاتراك وحتى السياسيين منهم .
أما مواقف الاستنكار والاستغراب ، فأكثرها كانت من قبل السياسين وحملة الأقلام العرب بشكل عام والسوريين بشكل خاص ومن كافة شرائحهم المجتمعية لأنهم المعنيين بالدرجة الأولى من هذه الأحداث كلها.
تباين هذه المواقف يعود لخلفية وثقافة الشخص ومدى قراءته للسياسة والواقع والتاريخ والحاضر .
المشكلة الكبرى هي عند اؤلئك الذين يخلطون العواطف بالواقع والأمنيات بالمصالح .
وأحينا حتى التفكير الايجابي والاخلاقي قد يكون هو العائق أمام التفكير المنطقي الواقعي ..!!
متى يمكن أن يكون اللقاء؟
كانت كثير من القراءات تشير ان اللقاء قد يكون قبل الانتخابات التركية المقبلة بشهر حزيران القادم إن لم يتم تقديمها -وهو أحتمال وارد-أو بعدها بقليل ، لكن يبدو أن موعد هذا اللقاء بدأ يقترب بعد اللقاء الرسمي بين وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارت بين البلدين بروسيا ، وترشح معلومات عن عقد لقاء بين وزراء الخارجية خلال الاسبوعين القادمين من هذا الشهر.
وسواء حصل هذا اللقاء قبل الانتخابات – وهذا المتوقع- أوبعدها ، يظل السؤال الاهم هو لماذا هذا اللقاء بهذا التوقيت؟ ولمصحة من؟ وماهي فائدة كل من الطرفين من هذا اللقاء؟
لماذا تبدوا تركيا مستعجلة هذا اللقاء رغم وضع النظام المتدهور اقتصاديا والمنهار اجتماعياً؟
لماذا تبدوا تركيا أنها ستكون بمثابة الدولة المنقذة للنظام المتهاوي الغارق الذي يبحث عن قشة يتمسك بها ، كما يدعي كثير من شخصيات المعارضة السورية؟
هل بالفعل النظام بهذه الحالة..!!؟
ولماذا تفوت تركيا فرصة انشغال روسيا العدو اللدود للمعارضة السورية -المدعومة من تركيا- بعد دخولها الحرب الاوكرانية وتمرغها بأوحالها هناك، ورغم الانتفاضة الشعبية الايرانية التي تقض مضاجع القيادة الايرانية لأول مرة رغم التعتيم الاعلامي والتواطؤ الغربي وعدم دعمه لهذه الانتفاضة كا تستحق..
اذا ورغم كل هذه التطورات التي يجب أن تكون داعمة للموقف التركي بسوريا لتزيد من قدرته على المناورة وتزيد من أوراقه التفاوضية..
لماذا تبدوا تركيا أنها راغبة بتسريع اللقاء مع رأس النظام المحاصر في منطقة جغراقية ضيقة ولا يسيطر على أهم ثروات سوريا ولا على حدودها ومعابرها..!!؟
بالطبع هناك عوامل كثيرة ومتعددة تقف وراء هذا السعي للتقارب ،تخطأ المعارضة السورية أحياناً كثيرة بقراءتها وهذا دليل على عدم امتلاكلها للرؤية الاستراجية والقراءة الواقعية..
هناك ثلاث عوامل تدفع تركيا وراء هذا التغير ،خارجية وسورية وداخلية ..
العوامل الخارجية على رأسها الموقف الامريكي السلبي ودعملها لمشروع تقسيم سوريا وهذا ما يهدد الأمن القومي التركي بشكل مباشر ،الموقف الأوربي والعربي الغائبين،مع تعنت روسيا وايران أمام رغبة تركيا بالعملية العسكرية …
العامل الثاني هو مايتعلق بالمعارضة السورية التي لم تستطع تشكيل البديل الحقيقي الذي يجعل الدول تعول عليه ويمتلك الرؤية الواضحة والخطة الاستراتيجية التي تتصدرها قوة سياسية حقيقة تدعمها جماهير الشعب السوري بكل مكان ،بالداخل والخارج…
فقدن البديل الذي يتحمله بالدرجة الاولى كل السوريين،وهذا ليس ضربا من جلد الذات بينما هي الحقيقة المرة التي يجب أن يقبلها الجميع مثل المريض الذي يجب أن يقبل حقيقة اصابته بمرض عضال قد يفتك به وينهي حياته…
هل لم يستطع السوريون بالفعل تشكيل البديل ،أم منعوا من ذلك ؟ هل الدول هي التي حالت دون ذلك؟أم أن السبب بهم !!؟
العامل الثالث هو العامل الداخلي التركي ، الانتخابات الرئاسية المفصلية التي أصبحت على الأبواب ، وعبأ تواجد الملايين من السوريين بتركيا والتململ الشعبي السلبي على أغلب المستويات ، بسبب عدم ادارة هذا الملف ايضا بشكل كاف وجيد من قبل الطرفين ،رغم النجاح المميز في كثير من مستوياته.
كل هذه العوامل لها دور كبير وراء دعم موقف الداعين لتسريع التواصل مع النظام حتى في أضعف حالته…
لكن
قد تكون هناك قراءة اخرى وراء هذا التقارب تتعلق بطريقة التفكير وقراءة الاحداث والتاريخ من قبل كثير من صناع القرار والسياسيين وحملة الاقلام بتركيا.
وهذه هي سياسية القرب والاحتواء أفضل من البعد والخصام…
ربما يكون هذا الطرز من التفكير وهذا النموذج من السياسة هو من أوصل لقناعة احتواء الاسد وبناء علاقات قوية مع النظام وعزله عن ايران وفك طوق الحصار الامريكي عنه، وجعله يشعر- وهو بأضعف حالاته- بأن حياته ونجاته ومستقبله هو مع تركيا ،التي ستنقذه من هذا المأزق الصعب،بشروط يجب الالتزام بها والتعاون لحل كثير من الملفات الموضوعة على طاولة اللقاء.
ومن ثم ربط نظام الاسد بتركيا اقتصاديا وتجاريا ، وسياسيا عبر المحور الروسي ، وجره لمحاربة قسد التي تهدد البلدين واستعادة ثروات البلاد من ايادي العدو اللدود لتركيا و استخدامها لاعمار سوريا من جديد عبر الشركات والمؤسسات التركية..
برأيي هذا النمط من التفكيرالنمطي السائد لدى الكثيرين هنا بتركيا – بالاضافة الى العوامل الاخرى الاساسية المذكورة أعلاه – هو العامل الرئيسي لتغير المواقف بهذه السهولة،وقراءة المواقف والاحداث على نقيض ما تقرأه الشريحة الكبرى من السوريين.
ويظل السؤال الأهم
هل الأسد الذي هو جزء من المشكلة –إن لم يكن المشكلة كلها- أن يكون جزء من الحل ؟