وفي ظل النقص الحاد في الغذاء الذي يعاني منه الكثيرون في المناطق المتضررة وفي ظروف الشتاء القاسية، تتصاعد التساؤلات لقادة البلدين تركيا وسوريا حول استجابتهم للكارثة.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد قام بأول زيارة له إلى المناطق المنكوبة منذ وقوع الزلزال، حيث زار مستشفى في مدينة حلب بصحبة زوجته.
وقد وافقت حكومته على إيصال المساعدات الإنسانية عبر خطوط الجبهة في الحرب الأهلية المحتدمة في البلاد منذ 12 عاماً، وهي خطوة من شأنها أن تسرع من وصول المساعدات إلى الملايين من الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة لها.
وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في سوريا للسماح بإيصال المساعدات إلى المنطقة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “في هذا الوقت العصيب في تركيا وسوريا، ندعو إلى إيصال المساعدات بشكل عاجل إلى جميع المحتاجين”.
وقالت الأمم المتحدة إن العالم لم يقف بعد على حدود الكارثة.
من جانبه، أعلن حزب العمال الكردستاني المحظور، والمصنف منظمة إرهابية من قبل أنقرة وحلفائها الغربيين، عن وقف مؤقت للقتال من أجل تسهيل أعمال الإغاثة.
وقال برنامج الغذاء العالمي في وقت سابق إن مخزونه من المواد الغذائية بدأ ينفد في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ظل التعقيدات التي تفرضها حالة الحرب والتي تعيق جهود إيصال المساعدات.
وأصدر البرنامج التابع للأمم المتحدة نداء لجمع 77 مليون دولار لتوفير حصص غذائية لما لا يقل عن 590,000 شخص من النازحين حديثاً في تركيا و لحوالي 284,000 شخص في سوريا.
وقد زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة محافظة أديامان حيث اعترف بأن استجابة الحكومة لم تكن بالسرعة المطلوبة.
وقال: ” على الرغم من أن لدينا أكبر فريق للبحث والانقاذ في العالم حالياً، فإن الحقيقة هي أن جهود البحث ليست بالسرعة التي نريدها”.
وقال أردوغان إن بعض الناس ينهبون المحال التجارية ويهاجمون مقارّ الأعمال، وإن حالة الطوارئ المعلنة في المنطقة ستمكّن الدولة من فرض العقوبات الضرورية.
ووصف أردوغان الزلزال بأنه “كارثة القرن”. وقضى عشرات الآلاف ليلة خامسة في أجواء متجمدة معتصمين في خيمات متنقلة بعد أن هدّم الزلزال بيوتهم. وتتضافر الجهود حول العالم لتقديم المساعدات.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “حدود الكارثة لم تتضح بعد أمام أعيننا”، لا سيما في سوريا التي تتمزق تحت وطأة حرب أهلية منذ أعوام.
وفي يوم الخميس، وصلت أولى قوافل الإغاثة الأممية إلى الشمال الغربي السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، عن طريق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويعد باب الهوى المعبر الوحيد الذي يمكن أن تدخل من خلاله المساعدات الأممية إلى مناطق الشمال الغربي السوري دون المرور بمناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية السورية.
ووعد الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم المزيد من المساعدات. وحثّ غوتيريش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على السماح بوصول المساعدات إلى سوريا عبر أكثر من معبر.
وقال غوتيريش: “هذه هي لحظة الاتحاد، ليست لحظة تسييس أو تقسيم. إننا بحاجة ماسة إلى تقديم دعم كبير”.
ومن المتوقع أن يبحث المجلس في جلسة خاصة بداية الأسبوع القادم الوضع الإنساني في سوريا وسبل تسهيل وصول المساعدات إلى المتضررين من الزلزال في مناطق شمالي سوريا.
وقالت تركيا إنها تعمل على فتح معبرين جديدين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية شمال غربي سوريا.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن منيرة محمد وهي أم لأربعة أبناء، وقد نزحوا جميعا من مدينة حلب بعد الزلزال، القول إن أسرتها في حاجة ماسة إلى التدفئة والمزيد من الدعم.
وأضافت منيرة: “ليلة أمس لم تغمض لنا جفون من شدة البرد. إن الوضع بالغ السوء”.
وقال فريق إنقاذ الخوذ البيضاء، الذي يعمل في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، إن قافلة المساعدات الأممية الوحيدة التي عبرت إليهم لم تحمل معها معدات متخصصة لإنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض.
تحذيرات من كارثة ثانية
ويعد هذا الزلزال أسوأ بكثير من زلزال مشابه ضرب شمال غربي تركيا في عام 1999 والذي أسفر عن سقوط 17,000 قتيل.
كما يعدّ هذا الزلزال أحد أكثر الكوارث الطبيعية الدامية في القرن الجديد – متجاوزا كوارث أخرى كزلزال وتسونامي ضرب اليابان في عام 2011.
وحذرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من أن كارثة إنسانية أخرى قد تقع ما لم يحصل الناجون من الزلزال على مأوى وغذاء وماء ودواء “على وجه السرعة”.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوغ، إن العاملين في المنظمة بمنطقة غازي عنتاب التركية ينامون في السيارات لأنه “لا تزال هناك مئات ومئات من الهزات الارتدادية”.
ونوّه كلوغ لبي بي سي، إلى أن هناك مجتمعات في سوريا تعتمد على مياه الخزانات والتي كانت أول ما انهار جراء الزلزال.
وقال كلوغ إن الخزانات تحتاج إلى بديل، وإلا ستواجه البلاد موجات تفشٍّ لوباء الكوليرا – وهو أمر كان يُخشى وقوعه حتى من قبل الزلزال.
مساعدات دولية.
وفي يوم الخميس تعهد البنك الدولي بتقديم 1.78 مليار دولار كمساعدة لتركيا، بما في ذلك تمويل فوري لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية، ولدعم المتضررين من الزلزال.
كما أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة إغاثة طارئة بقيمة 85 مليون دولار.
وكررت واشنطن دعوتها إلى الحكومة السورية للسماح بالوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن المساعدات ستخصص لبناء ملاجئ والغذاء والمياه والرعاية الطبية.
وتأتي الخطوة عقب قيام دول حول العالم بإرسال فرق بحث ومساعدات إلى سوريا وتركيا.
وقالت الوكالة الأمريكية في بيان الخميس إنها ستوفر الغذاء العاجل والملاجئ والرعاية الطبية والدعم النفسي في مواجهة الصدمات، بالإضافة إلى مياه الشرب النظيفة، والدعم في مجال “النظافة الشخصية والصرف الصحي للحفاظ على سلامة وصحة الناس”.
وأرسلت مديرة الوكالة سامنتا باور فريق المساعدة في التعامل مع الكوارث، ليعمل في مدن أديامان وأضنة وأنقرة التركية.
وقالت نائبة مديرة الوكالة الأمريكية، إيزوبيل كولمان، الخميس لشبكة سي بي أس نيوز، إن قوات أمريكية موجودة في المنطقة للمساعدة على نقل الإمدادات بواسطة المروحيات بعد الدمار الذي لحق بالطرقات.
وقالت عن المناطق المتضررة من الزلزال: “الطقس بارد. إنه الشتاء. الناس بحاجة إلى مأوى. إنهم بحاجة إلى الغذاء والمياه والنظافة”.
ووعدت كندا بتقديم 10 ملايين دولار كندي (7.4 ملايين دولار)، وعرضت تقديم تبرعات أخرى بقيمة 10 ملايين دولار كندي أيضا.
وأُرسلت فرق إنقاذ من الهند وألمانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل ودول أخرى.