دولي
سوري يجمع أكثر من 60 ألف دولار لافتتاح مطعم
قال موقع Middle East Eye البريطاني،، إن سورياً يدعى عماد الأرنب اضطر إلى مغادرة دمشق عام 2015، بعد أن جعلتها الحرب غير صالحة للعيش. وبعد أن انهارت المطاعم الثلاثة التي أمضى سنوات في بنائها في العاصمة السورية، والتي اجتذبت زبائن مخلصين، وسط أعمال العنف المستمرة.
حيث بدأت رحلة عماد مع الطهي منذ صغره، حين كان يشاهد والدته وجدته تعدان أطباقاً سورية تقليدية شهية. يقول عماد: “قد لا تسنح لكثيرين فرصة رؤية سوريا في حياتهم. ولذلك فمهمتي إحضارها لهم هنا بالتوابل والنكهات والألوان”.
رحلة هجرة شاقة لسوري إلى بريطانيا
حين اُضطر عماد لمغادرة سوريا، أمضى شهوراً في مخيم للاجئين في لبنان، وهناك كان يطبخ للاجئين والمتطوعين الآخرين. وانتهى به المقام أخيراً في كاليه، وهي منطقة في شمال فرنسا أصبحت بمرور الوقت نقطة جذب للمهاجرين واللاجئين الراغبين في الوصول إلى بريطانيا لقصر المسافة بينهما عبر بحر المانش.
خلال الفترة التي أمضاها في كاليه، كان يواجه مضايقات مستمرة وظروفاً قاسية أثناء إقامته في “مخيم الغابة” غير الرسمي للاجئين، الذي ظل قائماً من عام 2015 إلى أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، حين هدمته الحكومة الفرنسية.
على مدار 64 يوماً، كان عماد يمضي ليله نائماً على درجات سلم كنيسة في كاليه ونهاره في الطبخ للناس من حوله، الذين تصل أعدادهم أحياناً إلى 400 لاجئ يومياً. لكن كل هذا توقف بعد أن داهمت الشرطة المنطقة وطردت عماد مع 13 لاجئاً آخر. لكنه تمكن من ركوب شاحنة والذهاب إلى المملكة المتحدة عام 2015.
رحلة شاقة حتى امتلاك مطعم خاص
بعد وصوله إلى المملكة المتحدة، عمل في بيع السيارات، لكن حبه للطهي لم يتراجع مطلقاً. فبدأ في نشر وصفاته على الشبكات الاجتماعية واستضافة نوادي العشاء المحدودة. وعمل في إدارة مطاعم مؤقتة لبيع الفلافل التي يشتهر بها الآن لصالح جمعية اللاجئين الخيرية Choose Love.
لكن عماد كان يتوق إلى مطعم دائم، ولذلك أطلق حملة تمويل جماعية بقيمة 50 ألف جنيه إسترليني ( ما يعادل ٦٠١٥٧.٥٠ دولار أمريكي) في ظرف شهر وافتتح أخيراً مطبخ عماد السوري بالشراكة مع مؤسسة خيرية.
يقدم المطعم قائمة متنوعة من الأطباق السورية التقليدية، مثل شاورما لحم الغنم والشيش طاووق من الدجاج والفلافل والحمص، وكلها مصنوعة من مكونات طازجة ومن مصادر محلية.
من أشهر الأطباق التي يتميز بها مطعمه، الكباب الحلبي، وهو عبارة عن لحم ضأن يُطهى لساعات مع توابل ذكية الرائحة ويقدم مع أرز الزعفران. وتعكس قائمة مطعمه تنوع المطبخ السوري، وتأثره بعدة ثقافات، مثل التركية والفارسية واللبنانية.
من أطباقه المميزة الأخرى الساروجة، وهو من ابتكار عماد، وسماها كذلك على اسم أحد الأحياء في دمشق. ويتكون هذا الطبق من الباذنجان المحمص بالبقسماط مع جبنة فيتا وحلوم، ومغطى بالكرز الحامض ودبس التمر.
المطعم يساعد اللاجئين في بريطانيا
في محاولة لرد الجميل للمجتمع ومساعدة الجمعيات الخيرية للاجئين، يستضيف عماد نوادي الطهي ويجمع التبرعات ودخل في شراكة مع اليونيسف لنشر الوعي بأزمة طالبي اللجوء على مستوى العالم.
فمنذ الغزو الروسي العام الماضي، يتبرع مطبخ عماد السوري بجنيه إسترليني من كل فاتورة لبرنامج #CookForUkraine التابع لليونيسيف. ويشارك عماد أيضاً في مبادرة تسمى #CookForIran، أضاف فيها الأطباق الإيرانية لقائمته لدعم مطالبة شعبها بالحرية.
في محاولة لتكريم وطنه ودعم اللاجئين، يعيّن عماد موظفيه من خلال منظمة Breaking Barriers التي تعمل على تلبية احتياجات الشركات واللاجئين في العاملين والعمل.
من أكثر الأمور التي تزعج عماد تنامي المشاعر المعادية للمهاجرين الذي يلحظه دائماً في شوارع المملكة المتحدة. يقول: “لا يمكننا الاستعانة بأي طالب لجوء، وهذا يغضبني جداً”، وقال إنه لا يُسمح لطالبي اللجوء المحتجزين في فنادق المملكة المتحدة بالعمل.
كما تابع قائلاً: “وهذا الوضع أغضبني أكثر أثناء إغلاق كوفيد. فلدينا أطباء وممرضون كثر يجلسون في الفنادق دون عمل، في وقت كان يمكنهم فيه دعم الاقتصاد والنظام الصحي في المملكة المتحدة”.
قال: “حتى الآن لدينا نقص في الموظفين، والجميع يبحثون عن موظفين ولكن لا يمكننا الاستعانة بأي من طالبي اللجوء، لأنه لم يتخذ قرار بشأنهم بعد. وهذه القرارات تستغرق سنوات، وهذا يؤثر على صحتهم النفسية، والصحة بشكل عام، والعلاقات مع المجتمع.. فهذا لا يجعلنا مجتمعاً أفضل”.
عنصرية ضد المهاجرين
رغم حزنه لرؤية هذه العدائية في التعامل مع المهاجرين، فهو لا يزال فخوراً بالمجتمع الذي بناه في المملكة المتحدة، لأنه يسلط الضوء على مساهمة المهاجرين المهمة في المجتمع.
تابع قائلاً: “انكسر كاحل ابنتي وذهبنا إلى غرفة الطوارئ.. وكان من فحصها ممرضة مهاجرة. هل يوجد مجال لا يعمل فيه المهاجرون، من المطاعم إلى شركات الطاقة؟”.
يقول عماد إنه يأمل في التوسع مستقبلاً وتعريف مزيد من الناس بالطعام السوري، من خلال الأجواء الودية والنكهات التي تذكره بوطنه.