أخر الأخبار
استطلاعات الرأي بالانتخابات التركية.. نتائج واقعية أم فرقعة إعلامية؟
“بعض الاستطلاعات التي نُشرت الفترة الماضية، وأظهرت تفوق المعارضة تم إجراؤها بدعم وتمويل مادي من المعارضة” بهذه الكلمات وصف عضو البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية أمر الله إيشلر نتائج استطلاعات الرأي التي أشارت إلى تفوق مرشح “تحالف الأمة” كمال كليجدار أوغلو على منافسه بالانتخابات الرئاسية الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان مرشح “تحالف الجمهور”.
وجاءت تصريحات إيشلر تعليقا على نتائج استطلاع رأي أجراه مركز “ORC” للأبحاث بأنقرة، أظهر توقع فوز كليجدار أوغلو بنسبة 49.3% مقابل 42.4% لأردوغان.
وأثارت نتيجة الاستطلاع، الذي أجراه المركز الفترة بين 19-22 أبريل/نيسان الماضي، جدلا بين مشكك في نتيجته واتجاهات المركز الذي نظمه، ومن يراها نتيجة واقعية ترصد اتجاهات الناخبين السياسية في الوقت الراهن.
وأضاف إيشلر -في حديث للجزيرة نت- أن الهدف من نشر نتائج تلك الاستطلاعات هو التأثير على الناخبين، قائلا “الاستطلاع الانتخابي الحقيقي يتم إجراؤه على أرض الواقع، واعتمادًا على تجولي (مع الحملة الانتخابية) لعدة أيام ولقائي بالناس، أرى أن الرئيس أردوغان سيفوز بالجولة الأولى بنسبة تفوق التي حازها بالانتخابات السابقة، أي تتخطى الـ 52%، وهو ما تظهره بعض الاستطلاعات التي أُجريت مؤخرًا”.
وفي المقابل، توقع الكاتب والمحلل السياسي التركي فائق بولوت تقدم كليجدارأوغلو على أردوغان بحصوله على 48-49% مقابل 42-43% لصالح أردوغان.
وأضاف بولوت في حديث للجزيرة نت “مهما كان تقدم أحدهما على الآخر، فلا أتوقع حسم الفائز، سواء كان كليجدار أوغلو أم أردوغان، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية”.
ما أنواع الاستطلاعات في تركيا؟
تنشر وسائل الإعلام التركية عشرات الاستطلاعات الانتخابية التي تحاول التنبؤ بالفائز القادم، وعادة ما تعتمد على سؤال الناخبين عن المرشح أو الحزب الذي سيصوتون له بحال أقيمت الانتخابات الأحد القادم من تاريخ الاستطلاع.
وبسؤاله عن أنواع الاستطلاعات الانتخابية في تركيا، اعتبر سنان أولجن المحلل السياسي التركي ومدير مركز “إدام” (EdamOrg) للأبحاث بإسطنبول أنه يمكن تقسيمها إلى 3 فئات تبعًا لنوعية ووضع الشركات القائمة بها.
وأضاف أولجن في حديث للجزيرة نت “الفئة الأولى هي شركات تظهر فقط فترة الانتخابات وتنشر نتائج لاستطلاعات رأي بهدف أن تتصدر أجندة الرأي العام والإعلام، ولهذا لا يمكن الوثوق في نتائج تلك الاستطلاعات”.
وتابع أن الفئة الثانية “استطلاعات تقوم بها شركات موجودة في هذا المجال منذ سنوات طويلة، لكنها تجريها لتكون نتائجها مؤيدة لحزب سياسي معين، حيث تكون نسب ذلك الحزب دائمًا مرتفعة في استطلاعاتها”.
وبحسب أولجن فإن الفئة الثالثة “شركات تجري استطلاعات رأي باتباع منهجية موثوقة وتنشر نتائجها مهما كانت، وهذه الشركات عددها أقل في تركيا”.
أما بالنسبة للأدوات التي تستخدمها الشركات لإجراء الاستطلاعات، فقد أوضح أولجن أنها إما أن تكون عن الاتصال بالهاتف أو المقابلات وجهًا لوجه، أو استطلاعات عبر الإنترنت أو عن طريق الهواتف الذكية.
من يدعم مراكز استطلاعات الرأي بتركيا؟
في الوقت الذي تؤكد فيه جميع مراكز وشركات الاستطلاعات الانتخابية أنه ليس لها أي توجه سياسي وأنها تجري أبحاثها استنادًا للمعايير العلمية، يرى سياسيون ومحللون أن بعض هذه المراكز له توجهات سياسية إما مؤيدة للرئيس أردوغان وتحالفه أو معارضة لهما.
وفي هذا الصدد، يرى البرلماني إيشلر أن “بعض مراكز الاستطلاعات الانتخابية تدعمها وتمولها المعارضة، وقسم من شركات الاستطلاعات وخاصة القريبة من المعارضة تهول من نسب الاستطلاعات وفقًا لـ (مصلحة) الجهة الممولة لها”.
ولفت أن “هناك مؤسسات دولية أو أجنبية تمول شركات لبحوث الرأي العام لإجراء استطلاعات، لاهتمامها بنتيجة الانتخابات القادمة التي تعد انتخابات القرن، إلا أنها عادة لا تُنشر”.
وأكد إيشلر أن المجتمع الدولي أصبح “يعرف أن أردوغان سيفوز بالانتخابات الرئاسية، وهو ما أصبح يُنشر في وسائل الإعلام الدولية”.
في المقابل، قال بولوت “حزب العدالة والتنمية يدعم ويمول مراكز لاستطلاعات الرأي الانتخابية التي تبالغ كثيرًا في النسب التي سيحصل عليها أردوغان وحزبه في استطلاعاتها”.
وتابع بولوت بأن “الاستطلاعات التي تكون نتائجها لصالح حزب العدالة والتنمية تعتمد على التهويل والمبالغة في الأرقام، وهذا غير صحيح بالطبع”.
وأشار أنه ليس لديه معلومة تشير إلى مدى دعم أو تمويل أحزاب من داخل تحالف “الأمة” لشركات لاستطلاعات رأي، ولكن بالتأكيد فإن هناك شركات تتقاضى مبالغ مالية” مشددا على أن الاستطلاعات التي تجريها أو تمولها جهات أجنبية تكون أكثر موضوعية لأنها محايدة.
هل نتائج الاستطلاع تعكس الواقع أم تهدف للدعاية الانتخابية؟
وعن رؤيته لنتائج الاستطلاعات الانتخابية في تركيا قال إيشلر “الانتخابات القادمة حاسمة بالنسبة لتركيا، والاستطلاعات الانتخابية الأخيرة، التي أجرتها الشركات المحايدة، تظهر أن الوضع لصالح فوز أردوغان بالجولة الأولى”.
وأكد أنه وفقًا لذلك فإنه يتوقع “فوز الرئيس (أردوغان) بالجولة الأولى وفوز تحالف الجمهور وحزب العدالة والتنمية بأغلبية البرلمان” التركي.
وبسؤاله عن إمكانية حدوث ذلك في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، يرى إيشلر أنه “كانت هناك مشكلات اقتصادية جادة قبل عام أو قبل عامين، لكن في الأشهر الأخيرة تغير الوضع، فالأسعار ارتفعت لكن أجور العاملين والمتقاعدين أيضًا زادت”.
بدوره، أكد المحلل السياسي بولوت أن استطلاعات الرأي التي يتم إجراؤها الآن، سواء التي تظهر فوز كليجدار أوغلو أو أردوغان، ليست موضوعية، وأن الاستطلاعات التي تُجرى فقط قبل الانتخابات بأسبوع هي التي تكون نتيجتها أدق.
هل هناك استطلاعات رأي مخصصة لصناع القرار؟
ومع اختلاف تنبؤات الاستطلاعات الانتخابية، تُثار تساؤلات حول ما إذا كانت هناك استطلاعات عامة تُنشر للجمهور وأخرى خاصة تتم مشاركتها فقط مع صناع القرار داخل الأحزاب في تركيا.
وبسؤاله عن إمكانية وجود استطلاعيْن مختلفيْن، لم يستبعد النائب البرلماني إيشلر إمكانية ذلك، مشيرا أن الأحزاب تطلب من شركات إجراء استطلاعات رأي للناخبين.
ويري المحلل السياسي أولجن أن الشركات لا تجري استطلاعين مختلفين، لكن بعضها تجري استطلاعاتها بهدف إظهار تفوق نسب حزب معين على الأحزاب الأخرى.
ويختلف معه بولوت الذي اعتبر أنه “بدون شك يتم إجراء استطلاعيْن مختلفيْن، أحدهما للمشاركة مع الرأي العام والآخر يُجرى بشكل خاص للمسؤولين فقط داخل الحزب، والأخير يكون سريا وربما يتم تداوله بالألسنة فقط”.
وأوضح أنه “في حالة تطابق أو تقارب نتائج الاستطلاعين، الاستطلاع العام واستطلاع المسؤولين، يتم نشر الأخير في وسائل الإعلام”.
ما الذي يحدد موثوقية نتائج الاستطلاع؟
أوضح المحلل السياسي أولجن أن علم الإحصاء وضع محددات لإجراء الاستطلاعات للحصول على نتائج موثوقة، ووفق تلك المحددات فإن العينة لابد أن تكون ممثلة عن الناخبين، وبالنظر لسكان تركيا فلابد من أن تشمل العينة على الأقل 12 من أصل 81 ولاية.
وأضاف سنان أنه من الضروري أن تكون هذه المدن موزعة جغرافيًا بين شمال تركيا وجنوبها وشرقها وغربها، لتكون ممثلة عن الواقع السياسي.
وبيّن أنه لابد أن تكون العينة أيضًا ممثلة ديموغرافيًا من ناحية الجنس والسن والتعليم والمستويات الاجتماعية والاقتصادية، مشيرًا أن “التعليم بشكل خاص يلعب دورًا في تحديد سلوكيات الناخبين الأتراك”.
ووفق سنان، فإنه إذا تمت مراعاة المعايير السابقة في اختيار العينة وتطبيق الاستطلاع على عينة تشمل 1520 مواطنا تركيا بحد أدنى، فيمكن الحصول على نتائج صحيحة بهامش خطأ 2.5%.