أخر الأخبار
يوم فاصل بتاريخها.. كيف أصبحت تركيا بعد 7 سنوات من محاولة الانقلاب الفاشلة؟
بعد الانقلاب الفاشل، أصبحت تركيا أكثر استقلالية وأقوى، وأعطت السياسة الخارجية التركية أهمية متزايدة للتركيز على المنطقة، مع التركيز الخاص على الشرق الأوسط، وسعت تركيا إلى توسيع نفوذها وتأكيد نفسها كقوة إقليمية.
مرّت سبع سنوات على ليلة محاولة الانقلاب في تركيا التي وقعت 15 يوليو/تموز 2016، ومن الضروري أن نقرأ في انعكاساتها على التغييرات العميقة التي شكّلت المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد منذ ذلك الحين.
يستكشف هذا المقال الأبعاد المتعدّدة لمرحلة ما بعد الانقلاب في تركيا، مدققاً التحولات السياسية المتغيّرة والآثار الاجتماعية والتحديات الاقتصادية بعد سبع سنوات من هذه المرحلة، إذ إنّ التجربة الديمقراطية التركية لها أهمية بالنسبة إلى الداخل والخارج.
السياسة
في مجال السياسة، فتحت محاولة الانقلاب باباً إلى تركيا اليوم، في أعقاب محاولة الانقلاب تمّت الاستجابة بسرعة للتهديد المغذَّى من الهيكل المتوازي، تنظيم “فتح الله غولن” الإرهابي، وبدأ جدول زمني شامل لتطهير الانقلابيين المشتبه فيهم من مختلف القطاعات وتفكيك التهديدات المنظورة للأمن القومي.
أسفرت هذه التدابير عن وضع تعديلات دستورية جديدة لتسهيل سنّ القوانين، إذ أدّت هذه العملية إلى الاستفتاء في عام 2017، وبالتالي، شهدت تركيا خلال هذا الوقت، بجانب الاستفتاء، انتخابات برلمانية ورئاسية مرتين، وانتخابات بلدية واحدة.
كان هناك عديد من المناقشات الأجنبية حول “القوات المسلحة التركية التي جرى تطهيرها من تنظيم غولن الإرهابي” على الساحة، وأُثير جدل بأنّ تركيا “لم تعُد تمتلك قوة ردع”، لكن أثبتت عملية درع الفرات وثلاث عمليات لاحقاً أُطلقت بعد شهر واحد من محاولة الانقلاب، أنّ القوات المسلحة التركية تزيد من قدراتها وعقليتها الإستراتيجية. وتقدّمت البيروقراطية المدنية -التي لا تزال يجري تطهيرها من تنظيم غولن الإرهابي- في وظيفتها بشكل كبير، ونتيجةً لذلك تعرض لنا تقدماً واضحاً في صناعة الدفاع، إذ أصبحت تركيا اليوم مرشحةً لأن تكون ممثلاً رائداً في هذا المجال.
بعد الانقلاب الفاشل، أصبحت تركيا أكثر استقلالية وأقوى، وأعطت السياسة الخارجية التركية أهمية متزايدة للتركيز على المنطقة، مع التركيز الخاص على الشرق الأوسط، وسعت تركيا إلى توسيع نفوذها وتأكيد نفسها كقوة إقليمية، من خلال المشاركة في مختلف النزاعات والأزمات في المنطقة، ومن الممكن متابعة انعكاسات ذلك على إفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى.
بتدخلها السياسي، اعترضت تركيا على حصار قطر وتقسيم العراق، كما حالت الجهود العسكرية التركية في سوريا وليبيا دون انقسام هذين البلدين، كما أنّ مساعداتها العسكرية لأذربيجان ساهمت بإعادة أراضي كاراباخ.
وهذا يشمل التورط في سوريا، إذ قدّمت تركيا الدعم لبعض الفصائل المعارضة ونفذت عمليات عسكرية ضدّ التنظيمات الإرهابية. وبالتالي، أولت تركيا بفعالية مكافحة الإرهاب أولوية، فقد عزّزت الحكومة التركية جهودها في مكافحة تنظيمات إرهابية مختلفة، بما في ذلك تنظيمات PKK وداعش و”غولن” الإرهابية.
كما أنّ القوات المسلحة التركية هي القوة الوحيدة في العالم التي قاتلت يداً بيد ضدّ داعش الإرهابي، إذ سعت تركيا إلى التعاون مع الشركاء الدوليين في جهود مكافحة الإرهاب مع الحفاظ على اتخاذ إجراءات عسكرية مستقلة في حالات معينة.
علاوةً على ذلك، شهدت العلاقات التركية الروسية المضطربة تحسناً كبيراً، وجرت استعادة العلاقات الثنائية، إذ أثرّ ذلك على ملفَّي الصراع السوري والتعاون في مجال الطاقة، مع الحفاظ على أهميتها داخل الناتو، وتقديم مساهمة كبيرة في مهامها، كما في حالة التوترات الأخيرة في كوسوفو.
إلى ذلك، فقد قدّمت تركيا مساهمة كبيرة في الإمدادات الغذائية العالمية من خلال التوسط في اتفاقية ممر الحبوب، ومن ناحية أخرى استمرّت العلاقات مع الغرب في الاضطراب حتى الانتخابات الأخيرة، إذ ضمن الرئيس رجب طيب أردوغان موقعه لمدة 5 سنوات إضافية، كما أثبتت الحرب الروسية الأوكرانية قدرات تركيا في الساحة الدولية، إذ نرى اليوم أنّ أوروبا والعلاقات العابرة للأطلسي ترغب في تعزيز علاقاتها مع تركيا.
علاوةً على ذلك، أثرّت قضية الهجرة واللاجئين على السياسة الخارجية لتركيا، إذ سعت إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية لإدارة الوضع، في الوقت الذي تستضيف فيه تركيا عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، فيما تعمل على معالجة التحدّيات الإنسانية والأمنية المرتبطة بهذه المسألة باستمرار، كما أثبت فوز أردوغان في الانتخابات الأخيرة الموافقة العامة على العملية الديمقراطية رغم المشاكل الاقتصادية في البلاد نتيجة فيروس كورونا وحرب أوكرانيا والزلزال.