مقالات وتقارير
زيادة الرواتب في سوريا.. قدرة شرائية أقل مع رفع أسعار المحروقات وانهيار الليرة
ربما تعد لوحة “زيادة رواتب” من المسلسل الشهير “بقعة ضوء” التي أنتجت عام 2008 من أفضل المقاربات التي تصور حال الموظفين السوريين اليوم، حيث استعرض العمل عالمين مختلفين شهدا زيادة رواتب للعاملين فيهما، لتبدأ بعدها مقارنة إثر القرار على حياة الموظفين فيما سمته “العالم المتحضر” وسوريا.
وأظهرت اللوحة احتفالات موظف وعائلته في دولة أجنبية بعد سماعهم بخبر الزيادة، إذ بدؤوا على الفور في التخطيط لتغيير سياراتها، وزيادة رحلاتهم السياحية والترفيهية، لينتقل المشهد بعدها إلى سوريا، حيث ظهرت امرأة تصرخ حزناً بعدما أخبرها زوجها بزيادة الرواتب، نظراً لما سيترتب على القرار من ارتفاعات كبيرة على جميع السلع، لتنتهي اللوحة بعدها نهاية تراجيدية بوفاة رب الأسرة بسكتة قلبية ألماً على مصير أسرته بعد الزيادة، التي ستحرمهم من معظم المواد الأساسية للحياة.
وعلى وقع انهيار الليرة السورية المتسارع وتزايد معدل التضخم، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مساء الثلاثاء، زيادة على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة بنسبة 100 في المئة، بالتزامن مع إصدار حكومته قرارات تقضي برفع الدعم وأسعار المحروقات بشكل كبير، في خطوة ستزيد من معاناة الأهالي، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية طاحنة، وظروفاً معيشية مأساوية.
وتأتي هذه الزيادة بعد نحو عامين على آخر زيادة للرواتب والأجور، التي كانت في منتصف كانون الأول عام 2021، ودوماً ما ترتبط زيادة الرواتب في سوريا بانخفاض أسعار الليرة لمستويات قياسية وزيادة التضخم، وهو ما يلقي بأثره على الأسواق التي تشهد تضاعف جميع المواد والسلع الأساسية، وخاصة المازوت والمواد التموينية، ما يتسبب في تعميق أزمات السورين المعيشية والاقتصادية.
الليرة تتجاوز حاجز الـ 15 ألفاً وتخسر 400% من قيمتها
وواصلت الليرة السورية هبوطها أمام الدولار، وخسرت أكثر من 435 في المئة من قيمتها خلال العامين الماضيين، إذ سجلت 3570 أمام الدولار يوم الإعلان عن زيادة الرواتب منتصف كانون الأول عام 2021، لتبدأ بعدها مسيرة التدهور المتسارع، وتتجاوز حاجز الـ 15 ألفاً، في ظل صمت من بشار الأسد وحكومته حيال ما يحصل.
In this week’s Hanke’s Inflation Roundup, Zimbabwe, Venezuela, and Syria are the world's top three inflaters.. pic.twitter.com/k397plA0k8
— Steve Hanke (@steve_hanke) August 12, 2023
ويظهر المؤشر أن سوريا تراجعت منذ آذار الماضي إلى المركز الثالث، وذلك بعد ارتفاع معدل التضخم فيها بنسبة تجاوز أكثر من 125 في المئة، إذ كانت البلاد حينها بالمركز الرابع بعد فنزويلا وزيمبابوي ولبنان بنسبة 111 في المئة.
وفي عامي 2011 – 2023، تجاوز معدل التضخم في سوريا 16 ألفاً في المئة، وفقاً لأرقام كشف عنها الكتاب السنوي للمكتب المركزي للإحصاء التابع للنظام السوري، في حزيران الماضي.
كما ارتفعت الأسعار بين عامي 2011 و2021 بمقدار 40 ضعفاً، في حين ازدادت بما يتجاوز 161 ضعفاً في الفترة الممتدة بين 2011 و2023، بحسب الوطن المقربة من النظام السوري.
إضراب وسائل النقل في سوريا
وشهدت مناطق سيطرة النظام السوري، يوم الأربعاء، إضراباً لوسائل النقل الخاصة بعد رفع النظام أسعار الوقود، ما أدى إلى حالة إرباك لدى الناس والطلاب في معظم المحافظات السورية.
وأدت تلك القرارات إلى صدمة في الشارع السوري، ما أدى إلى استيقاظ الناس على وقع إضراب سائقي السرافيس والتكاسي من إجراء طلبات النقل بين المدن والبلدات السورية في كل المحافظات.
ولا ريب أن هذه الأحداث تأتي في ظل حالة سخط شعبي متصاعدة، في وقت تعيش فيه مناطق سيطرة النظام السوري أزمات معيشية وخدمية، هي الأسوأ على الإطلاق، إذ ازدادت ساعات القطع الكهربائي لتصل إلى 23 ساعة يومياً في معظم المناطق، فضلاً عن تردي الخدمات الأساسية الأخرى، في ظل عجز حكومة النظام عن تقديم أي حلول على المدى المنظور، رغم الوعود المتكررة بتحسن الواقع الخدمي.