مقالات وتقارير
قلبت الموازين في ليبيا وغيّرت سير الحرب بسوريا.. ما قصة الطائرة آقينجي التي تصنعها تركيا؟
يبدو أن تركيا دخلت صناعة الطائرات المسيّرة من أوسع الأبواب عبر الكشف عن أحدث طائراتها المسيّرة من نوع “بيرقدار آقينجي”، التي تعد الطائرة الأولى من نوعها التي تنتجها تركيا في فئة المقاتلات الهجومية بدون طيار، وذلك مساء الأحد 25 مايو/أيار 2020.
مواصفات الطائرة بيرقدار أقينجي
بحسب الفيديو الذي نشرته شركة بايكار التركية المصنّعة للطائرة مساء الأحد 25 مايو/ أيار عند الساعة 20:23، في إشارة لجهود الحكومة التركية لتطوير الصناعات الدفاعية العسكرية ضمن رؤيتها لعام 2023 وتعد تركيا ثالث- دولة في العالم تملك هذه التقنية المتطورة، فإن المقاتلة الجديدة التي أطلق عليها اسم “آقنجي” أي المهاجم، تحمل صواريخ متطورة بوزن يفوق 1000 كلغ، وقادرة على أداء المهام القتالية عبر تزويدها بذخائر وأسلحة محلية الصنع مثل صواريخ كروز من طراز (SOM).
أما فيما يتعلق بمواصفات المسيرة الجديدة، فهي تستطيع الطيران لمدة 24 ساعة على ارتفاع 40 ألف قدم، وتستطيع نقل حمولة تصل إلى 1350 كيلوغراماً كحمولة داخلية وخارجية، وهي حمولة مفيدة قد تشمل معدات عسكرية وذخيرة.
وتستطيع المسيرة الجديدة الإقلاع بوزن قائم 5500 كيلوغرام، حيث تم تزويدها بمحركين “توربوروب” بمقدرة 450 HP، فضلاً عن رادارات مطورة محلية.
ومن المميزات الأخرى للمقاتلة أنها تعمل وفق الذكاء الاصطناعي، يتحكم بها طيار آلي، مع 3 طيارين آليين احتياطيين، ما يسهم بتأمين رحلة الطيران، كما أن الطائرة ستكون مزودة بصواريخ من صنع محلي قادرة على ضرب الأهداف الاستراتيجية، بحسب تقرير لوكالة الأناضول التركية.
وستوفر الأجنحة ذات الهيكل الملتوي والبالغ طولها 20 متراً إلى جانب نظام التحكم الأوتوماتيكي الكامل بالطيران، ونظام الطيار الآلي، أماناً عالياً للطلعات الجوية.
وبفضل سعة الحمولة المفيدة، ستكون “آقنجي” قادرة على أداء المهام عبر تزويدها بذخائر وأسلحة محلية الصنع مثل صواريخ كروز من طراز (SOM).
والطائرة مزودة بأدوات متطورة عديدة، مثل رادر (AESA)، وكاميرا (EO/IR)، وأنظمة مراسلة عبر الأقمار الصناعية، وأنظمة الدعم الإلكتروني وذكاء اصطناعي متطور، وغيرها.
وهي قادرة على جمع المعلومات عن طريق تسجيل البيانات التي تتلقاها من أجهزة الاستشعار والكاميرات على متن الطائرة من خلال 6 أجهزة كمبيوتر مجهزة بذكاء اصطناعي متطور.
كيف يعمل الذكاء الاصطناعي بها؟
نظام الذكاء الاصطناعي بوسعه اكتشاف الزوايا الأفقية والعمودية والميل دون الحاجة إلى أي مستشعر خارجي أو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
ويتميز هذا النظام المتطور بالقدرة على اتخاذ القرارات من خلال معالجة البيانات التي يحصل عليها.
ويسهم نظام الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه اكتشاف الأهداف الأرضية التي لا يمكن للعين البشرية اكتشافها، في استخدام “آقنجي” بأكثر فاعلية .
ويتيح رادار الفتحة التركيبية للطائرة الهجومية إمكانية التقاط الصور حتى في ظروف جوية سيئة، تواجه فيها أنظمة البصريات الكهربائية صعوبة في الالتقاط.
الطائرة مزودة برادار للأرصاد الجوية وأخرى للطقس متعدد الأغراض، حيث ستكون الرائدة في مجال الطائرات من دون طيار.
كما يمكنها التحليق بمحركين بقوة 240 حصاناً (2×240 HP) محليي الصنع، من انتاج شركة “توساش/ تاي” التركية للصناعات الجوية والفضائية.
وتم تصميم الطائرة بحيث يمكنها الطيران بمحركات مختلفة، والتحليق بمحركين بقوة 750 حصاناً (2×750 HP).
وتستطيع الطائرة التحليق على ارتفاع يصل إلى 40 ألف قدم، والطيران لمدة 24 ساعة.
وبوسعها أن تحمل حمولة إجمالية تصل إلى 1350 كغ، على شكل 400 كغ حمولة داخلية، و950 كغ خارجية.
ويبلغ وزن الطائرة عند الإقلاع 5500 كغ، وتحلق بمحركين توربينيين بقوة 450 حصاناً.
هل الطائرة جاهزة للاستخدام؟
الشركة عرضت مراحل صناعة “آقنجي”، والتي أُنتج منها نموذجان حتى الآن، وهما الطائرة المسيرة الأولى للاستطلاع تختصر بـ”IHA”، والطائرة المسيرة الثانية التي تقوم بعملية الاستطلاع والقصف هي “SİHA”، فيما حملت “آقنجي” اختصار “TİHA”، أي الطائرة المسيرة الهجومية بدون طيار.
وخضعت الطائرة من قبل للاختبارات، المرة الأولى كانت في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكذلك في 10 يناير/كانون الثاني الماضي.
مَن هو صاحب الفكرة؟
يعود الفضل في هذه التقنية الهامة إلى سلجوق بيرقدار، طالب الدكتوراه بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في أمريكا، والذي أصبح صهراً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عام 2016 عندما تزوج من ابنة الرئيس “سمية”.
وكان الإنجاز الحقيقي لبيرقدار في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، حينما اختبر إطـلاق صاروخ من طائرته التي اخترعها عام 2005.
نشأ سلجوق بيرقدار في أسرة ذات توجهات قومية، وهو ابن رجل الأعمال أوزدمير بيرقدار صاحب شركة بيركار التقنية.
درس بيرقدار الثانوية بمدرسة Robert Koleji الأمريكية في إسطنبول، ثم أكمل دراسته الجامعية في قسم الهندسة الكهربائية بجامعة إسطنبول التقنية.
وحصل على الماجستير من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وماجستير آخر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عائداً لبلاده عام 2007، متفرغاً لصناعة طائراته المسيرة حتى أصبح رئيس الفريق المسؤول عن تصميم طائرة من دون طيار.
هل نجحت من قبل؟
استخدمت هذه الطائرة من قبل في الشمال السوري عندما بدأت معركة إدلب التي شهدت تحولاً لافتاً على الأرض منذ نهايات فبراير/شباط الماضي، مع انتهاء المهلة التي حددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لميليشيات الأسد المدعومة روسيا للانسحاب إلى خطوط التماس المتفق عليها في سوتشي، وبعد أن تعرضت القوات التركية لفقدان 33 عسكرياً.
في ذلك الوقت، نشر موقع وكالة بلومبيرغ الأمريكية تقريراً تحدث عن التحول الكبير الذي أحدثته طائرات بيرقدار في المواجهات الدائرة في إدلب، وخصّ التقرير المسيرة العسكرية (الدرون) “بيرقدار تي بي2” التي تنتجها شركة بيكار التركية التي سمّاها التقرير “الدرون القاتلة”.
ونقلاً عن مسؤول تركي، تحدث تقرير بلومبيرغ عن أن “انتقام تركيا لمقتل 33 من جنودها جاء على شكل خطة منسقة من العمليات بالطائرات المسيرة سيطرت من خلالها لأول مرة على الأجواء فوق إدلب”، مضيفاً أن المسيرات وجهت ضربات دقيقة للقواعد العسكرية ومراكز الحرب الكيماوية لميليشيات الأسد، لكن الأهم هو تحديد أماكن الدفاعات الجوية الروسية وتدميرها، وهو ما أثار تساؤلات حول فاعلية تلك الأنظمة التي نشرتها روسيا لحماية تقدم ميليشيات الأسد في مواجهة المسيرات العسكرية تركية الصنع.
ما حققته المسيرات المسلحة في قصف الأهداف بسوريا ضد قوات النظام، وفي ليبيا ضد قوات خليفة حفتر، وتمكنها من تحقيق نجاحات كبرى، يلفت الأنظار إلى الرسائل التركية من هذا الكشف عن المسيرة الجديدة.
ففي ليبيا انقلبت رأساً على عقب منذ بداية مايو/أيار الجاري، حيث شنت قوات الوفاق أكثر من 57 غارة جوية مكثفة باستخدام درونات بيرقدار بي تي2 التركية على قاعدة الوطية وتمركزات ميليشيات حفتر في مدينة ترهونة القريبة من طرابلس، وهو ما أدى لسقوط القاعدة بعد أن فرت منها ميليشيات حفتر عقب فشل أنظمة الدفاع الجوي روسية الصنع في التصدي للدرون العسكرية تركية الصنع.
المصدر : عربي بوست