أخبار السوريين في تركيا
السوريون في تركيا.. بين مطرقة المعارضة وسندان الانتخابات من جديد
مرة أخرى يعود ملف اللاجئين السوريين إلى واجهة السياسة التركية مع بدء حملة الانتخابات المحلية، بالتوازي مع استغلالهم من قبل أحزاب المعارضة كورقة ضغط على الحكومة وتصويرهم على أنهم “تهديد لمستقبل تركيا وشبابها”.
وأثار التحليل الذي قدمه الصحفي ذو التوجهات المعارضة يلماز أوزديل حول الانتخابات المحلية القادمة جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يرى أوزديل أن الانتخابات المرتقبة لا تقتصر على اختيار رؤساء البلديات فحسب، بل تمثل أيضا استفتاء حاسما حول بقاء اللاجئين أو رحيلهم.
من جهته، افتتح رئيس بلدية بولو الحالي تانجو أوزجان، المرشح عن حزب الشعب الجمهوري والمعروف بموقفه المتشدد تجاه اللاجئين، حملته الانتخابية بوعد صريح، إذ أعلن التزامه بالقضاء الكامل على وجود اللاجئين في المدينة، مشيرا إلى تراجع ملحوظ في أعدادهم، بحسب تقرير لـ “الجزيرة نت”.
كما أعرب رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو -خلال مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي- عن قلقه بشأن سياسة اللاجئين، إذ يرى أن الإجراءات المتبعة بشأن اللاجئين وطالبي اللجوء في العقد الأخير قد تتحول إلى أبرز المعضلات التي ستواجهها تركيا خلال العقود الثلاثة أو الأربعة المقبلة.
وفي حادثة أثارت الرأي العام التركي، ظهر مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية منطقة ماماك في أنقرة وهو يوجه عبارات عنصرية لأطفال عراقيين متوعدا بترحيلهم، في حين ظهر بعدها رئيس جناح الشباب لحزب العدالة والتنمية في أنقرة وهو يلعب الكرة مع الأطفال نفسهم ويقدّم لهم الحليب.
خطابات عنصرية
من جانبه، أكد الصحفي التركي المقرب من الحكومة التركية بيلغن أوزتورك أن الخطابات التي تعتمد على النزعة العنصرية، والتي تروجها بعض أطياف المعارضة بخصوص اللاجئين المقيمين في تركيا، ليست إلا جزءا من الحملات الانتخابية، مستشهدا بالانتخابات الرئاسية لعام 2023، ومشيرا إلى أن هذه الخطابات لم يكن لها أثر يُذكر في توجيه تفضيلات الناخبين، باستثناء تلك الشريحة التي تعتبر وجود اللاجئين تهديدا مباشرا لمستقبل البلاد.
وشدد أوزتورك على أن فرصة المعارضة في تنفيذ وعودها بترحيل اللاجئين في حال نجاحها بالسيطرة على البلديات في الانتخابات المحلية المقبلة ضئيلة للغاية، مرجعا ذلك إلى الالتزامات الدولية والحقوقية التي أقرتها تركيا، والتي تعوق اتباع سياسات تتعارض مع المنهجية الحالية.
وحذر أوزتورك من احتمال تصاعد الحملات السلبية ضد السوريين واللاجئين العرب الآخرين في تركيا، وذلك في حال لم تتمكن المعارضة من الفوز في المدن الكبرى، إذ قد تُستخدم كوسيلة لتوجيه إحباط وغضب الناخبين نحو اللاجئين.
ورقة ضغط
بدوره، أكد المحلل السياسي والباحث بمركز تركيا للأبحاث مراد تورال أن ملف اللاجئين تحول إلى ورقة ضغط سياسية بين يدي المعارضة التركية، وذلك عقب تمكنها من استثمار الأزمة.
واعتبر أن المعارضة “اقتبست منهج الحكومة في استغلال الأزمة ضمن مفاوضاتها الدولية، مما يعكس تعلمها فن التلاعب بملفات الأزمات”.
كما أشار إلى أن التدهور الاقتصادي الذي تشهده تركيا أسهم في تصاعد موجات الاستياء بين الأوساط الشعبية، مع توجيه أصابع الاتهام نحو اللاجئين كسبب للأزمات القائمة، مؤكدا أن مثل هذه القضايا قد تختفي مع تحقيق الوعود الحكومية بتحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد.
وفي السياق نفسه، اعتبر الرئيس السابق لقسم الشباب في حزب الشعب الجمهوري جوكشان عولو كوش أن تدابير حزبه حيال مسألة اللاجئين “تتخطى حدود الحملات الانتخابية لتلقي الضوء على أزمة معمقة ومستمرة منذ سنوات من دون العثور على حلول جذرية”.
ولفت عولو كوش -في تصريحات للجزيرة نت- إلى أن الإشكالية ليست مقتصرة على اللاجئين السوريين فحسب، مبينا أن “الوجود غير المنظم للاجئين في تركيا يؤثر سلبا على البنية الاجتماعية، النفسية والاقتصادية للمواطنين الأتراك، وهو ما يتطلب خططا عاجلة لترحيل اللاجئين”.
ونفى بشكل قاطع استخدام حزبه قضية اللاجئين أداة دعائية لنفسه، مشيرا إلى أن القضية موجودة فعليا وتعد من بين المطالب الرئيسية التي يرغب الناخبون في معالجتها. ودعا الحكومة التركية إلى التوقف عن استغلال وضع اللاجئين لتحقيق مكاسب سواء في السياق الانتخابي أو في غيره من المجالات، مشددا على أن “الإجراءات النصفية والحلول المؤقتة لم تعد كافية لمواجهة تداعيات هذه الأزمة التي تفاقمت بمرور الزمن”.
مراكز متنقلة
أما الحكومة التركية فقد أعلنت تمسكها بنهجها القائم على معالجة أزمة اللاجئين، معتبرة أنهم يقيمون في البلاد بشكل مؤقت، وأنهم سيعودون بمجرد عودة الأمن إلى بلادهم.
وشدد مراد كوروم، مرشح تحالف الشعب لرئاسة بلدية إسطنبول، على ضرورة التعامل مع وضع المهاجرين في إسطنبول. وأشار إلى أن هؤلاء الأفراد هم لاجئون فروا إلى تركيا هربا من النزاعات في بلدانهم ويقيمون فيها بصورة مؤقتة.
كما أكد أنهم سيعودون إلى ديارهم بمجرد استقرار الأوضاع هناك، مثمنا في الوقت ذاته دورهم الإيجابي في الاقتصاد التركي، خاصة في مدينة إسطنبول.
في السياق، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا إطلاق عمليات تفتيش ورصد بهدف الحد من الهجرة غير المشروعة وترحيل الأفراد الذين يقيمون في تركيا بطريقة غير قانونية، موضحا أنه تم إنشاء “مراكز الهجرة المتنقلة” في 30 مدينة تركية، تضم 162 مركز تفتيش تعمل على التأكد من شرعية إقامة الأجانب في البلاد من خلال استخدام أجهزة التعرف ببصمات الأصابع.
من جهته، أعلن عزة الله سادات، رئيس اتحاد الجمعيات الأفغانية، الحاصل على الجنسية التركية ترشحه لرئاسة بلدية بيليك دوزو في إسطنبول، وذلك مع التزامه بحل مشاكل المهاجرين في تركيا، بدءا من الجالية الأفغانية التي ينتمي إليها.
وقد وعد سادات بتقديم الدعم اللازم للمهاجرين، ومن ذلك توفير المساعدة القانونية والاجتماعية، وتوفير الفرص الاقتصادية التي تساعدهم على الاندماج بشكل أفضل في المجتمع التركي.