تركيا الآن
900 دولار شهرياً.. هل ينافس متوسط إيجار منزل في إسطنبول أغلى عواصم العالم؟
في تصريح لافت، قال المدير التنفيذي لمصرف “إيش بانكسي” هاكان أران: “نصف رواتب الموظفين تذهب للإيجار، وعندما يضطر بعضهم لمغادرة منازلهم بسبب ارتفاع الإيجار، يجدون منازل بالسعر نفسه في مناطق بعيدة جداً عن المدينة، لذلك يجب توفير منازل ميسورة الكلفة للناس في أماكن يمكنهم السكن فيها”.
وأضاف أران للصحفيين: “أنا أيضاً مستأجر، واضطررت إلى مغادرة المنزل الذي كنت أعيش فيه. وكان صاحب العقار يريد زيادة الإيجار من 12 ألف ليرة إلى 75 ألف ليرة (أكثر من 2200 دولار)، لذلك استأجرت منزلاً تابعاً للصندوق الاحتياطي للبنك بالمبلغ نفسه”.
ورغم فرق الرواتب الهائل بين مدير تنفيذي لأكبر بنوك تركيا، واللاجئ السوري محمد عموري الذي كان أيضاً يدفع إيجار منزله 12 ألف ليرة في آب 2023، فإنه بعد عام واحد فقط، ارتفع إيجار بيته إلى قرابة 20 ألف ليرة (588 دولاراً) وفقاً لنسبة التضخم الشهرية، مع أن المنزل نفسه في بلدية أفجلار بإسطنبول الأوروبية كان إيجاره لا يتجاوز 250 دولاراً عام 2021.
أكثر ما يشغل بال من يعيش في تركيا حالياً وفي مدينة إسطنبول خصوصاً، هو كيف سيؤمن إيجار البيت قبل موعد سداده بأول الشهر، في دوامة من غلاء الأسعار وقلة الموارد وصعوبات تأمين الحاجيات الأساسية.
وبعد أزمة كورونا والزلزال المدمر واجهت تركيا انخفاضاً في قيمة عملتها المحلية أمام العملات الأجنبية، مع ارتفاع جنوني في نسب التضخم، ما انعكس بشكل مباشر على السكان، وسط وضع الحكومة لخطة اقتصادية طموحة للخروج من هذه الأزمة عبر حزمة من السياسات الاقتصادية تشمل تقشفاً وزيادة قصوى في أسعار الفائدة ثبتت مؤخراً عند 50%.
أثر ذلك بشكل مباشر على العديد من القطاعات وفي مقدمتها، قطاع السكن، إذ يعد شراء منزل جديد في تركيا بمنزلة حلم للأشخاص ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، ومع زيادة أسعار الفائدة، ارتفعت أسعار المنازل ورسوم القروض ما قلل من نسب مبيعات المنازل أكثر فأكثر، ورفع من أسعار الإيجارات.
معاناة كبيرة يعيشها اللاجئون السوريون
ورغم أن غلاء الإيجارات يشمل جميع سكان تركيا من مواطنين ومقيمين ولاجئين، فإن التحديات مضاعفة على اللاجئ السوري، فهو بعيد عن أهله ولا يوجد أي سند له، ويتحمل كل الأعباء منفرداً، وعلى كثير منهم واجبات مساعدة ذويهم في الداخل السوري.
محمد عموري أحد اللاجئين السوريين المستأجرين الذين يعيشون وضعاً اقتصادياً صعباً، فهو يدفع أكثر من ثلثي راتبه إيجاراً شهرياً، والثلث المتبقي لا يكفي لحاجيات الطعام والدواء والفواتير وأجرة المواصلات.
وقال عموري لموقع “تلفزيون سوريا”، إن راتبي مؤخراً وصل إلى 29 ألف ليرة ( قرابة 852 دولاراً)، بساعات عمل تصل إلى 11 ساعة باليوم، وعطلة يوم الأحد فقط، وبالطبع راتبي لا يكفي وبدأت الديون تزيد علي”.
وبيّن أن زيادة إيجار البيت كانت أقسى شيء ممكن حدث لي خلال الأشهر الأربعة الماضية، فأنا متزوج منذ عام ونصف وزوجتي حامل، وليس لدي قدرة على الانتقال إلى بيت آخر، خصوصاً أن العديد من مناطق إسطنبول مغلقة أمام الأجانب (لا يسمح للأجانب السكن في مناطق بتركيا تزيد نسبتهم فيها على السكان المحليين بـ 25%)، وكلفة الانتقال إلى بيت جديد تصل أحياناً إلى أكثر من 70 ألف ليرة (قرابة 2000 دولار) وهذا مبلغ غير موجود طبعاً.
من جهته، قال خالد القيسي أحد اللاجئين السوريين في إسطنبول، “كنت أعيش في شقة صغيرة (1+1) في منطقة أسنيورت بإيجار 1800 ليرة تركية. في حزيران 2022، طلب صاحب المنزل زيادة الإيجار إلى 8000 ليرة، مما دفعني للبحث عن شقة أفضل. انتقلت إلى شقة أكبر (2+1) في أسنيورت بمجمع جيد وبإيجار 15000 ليرة، وهو مبلغ يساوي تقريباً ثمانية أضعاف إيجار الشقة الأولى”.