مقالات وتقارير
كورونا وحدوة الفرس الصيني.. كيف تعيش الخفافيش وهي تحمل كل هذه الفيروسات؟
يرجح أن تكون الخفافيش المصدر المحتمل لتفشي فيروس كورونا الذي ظهر في الصين، حيث تبين أن هذه الكائنات تملك جهازا مناعيا يتيح لها التعايش مع العديد من الفيروسات المسببة للأمراض.
وقال الكاتب جيمس غورمان في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن الخفافيش تتحمل مسؤولية ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في ووهان الصينية.
وفيروسات كورونا هي المتسببة في أمراض فيروسية حادة مثل المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).
ونقل الكاتب عن رئيس منظمة “إيكو هيلث إليانز” الأميركية الدكتور بيتر دازاك قوله “لا نعرف مصدر هذا الفيروس حتى الآن، ولكن توجد أدلة قوية تشير إلى أن الخفافيش هي السبب الرئيسي في ظهوره”، وتحديدا “خفاش حدوة الفرس الصيني”، وهو نوع شائع من الخفافيش يصل وزنه إلى 28 غراما.
وإذا تأكدت صحة هذه الأدلة، فستكون هذه السلالة ضمن العديد من السلالات الأخرى التي تحملها الخفافيش، بينما تظل قدرة هذه الخفافيش الهائلة على حمل العديد من الفيروسات والبقاء على قيد الحياة سؤالا محيرا بالنسبة للعلم.
التعايش مع الفيروسات
وأفاد الكاتب بأن الخفافيش مجموعة متنوعة للغاية، وتشكل حوالي ربع جميع أنواع الثدييات، وإن خفاشا واحدا يمكنه حمل العديد من الفيروسات المختلفة في جسمه دون أن يتأثر بذلك.
وتعتبر الخفافيش الخزان الطبيعي لفيروس “ماربورغ” وعدوى فيروس “نيباه” وفيروس “هيندرا” التي تسببت في ظهور أمراض بشرية تفشت في أفريقيا وماليزيا وبنغلاديش وأستراليا.
كما يُعتقد أنها المضيف الطبيعي لفيروس “إيبولا”، وتحمل فيروس داء الكلب، ولكن في هذه الحالة، تتأثر الخفافيش بالمرض.
في حقيقة الأمر، يعدّ تحمل الخفافيش لمثل هذه الفيروسات إحدى سماتها العديدة والمميزة، فهي الثدييات الوحيدة القادرة على الطيران، وتلتهم الحشرات التي تحمل مئات الأمراض.
وقد نُشرت ورقة بحثية في المجلة العلمية “سال هوست آند ميكروب” عام 2018، ورد فيها أن العلماء في كل من الصين وسنغافورة تمكنوا من اكتشاف كيفية تعامل الخفافيش مع عملية “استشعار الحمض النووي” (DNA sensing).
الخفافيش وكورونا
يشار إلى أن كيفية إدارة تفشي فيروس كورونا الجديد واحتوائه أمر بالغ الأهمية في الوقت الراهن، لكن تتبع مصدر الفيروس واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة تفشيه قد يعتمد جزئيا على المعرفة بالخفافيش ومراقبتها.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور دازاك “يمكن احتواء انتشار المرض والسيطرة عليه، لكن إذا لم نعرف مصدره على المدى البعيد، فيمكن لهذا الفيروس الاستمرار في الانتشار”.
وكان العلماء في الصين قد شرعوا بالفعل في دراسة الخفافيش بعناية، كما أدركوا جيدا أن انتشار هذا المرض كان واردا.
في الربيع الماضي، وفي مقال عن الخفافيش وعلاقتها بالفيروس التاجي أو فيروس كورونا، كتبت مجموعة من الباحثين الصينيين أنه “بشكل عام، يُعتقد أن فيروس كورونا الذي ينتقل عن طريق الخفافيش سيظهر من جديد ليتسبب في تفشي المرض التالي”.
تعيش الخفافيش في كل قارة على مقربة من البشر والمزارع -باستثناء القارة القطبية الجنوبية- وقدرتها على الطيران تجعلها منتشرة بقوة، مما يساعد في نشر الفيروسات، حتى إن برازها قادر على نشر المرض.
علاوة على ذلك، يأكل أشخاص في أنحاء كثيرة من العالم الخفافيش ويبيعونها في أسواق الحيوانات الحية، والتي كانت المصدر الأساسي لمرض السارس، ومن المرجح أنها السبب وراء انتشار فيروس كورونا الذي ظهر أولا في ووهان.
وغالبا ما تعيش الخفافيش في مستعمرات ضخمة بالكهوف، لذا تكون ظروف الازدحام مثالية لنقل الفيروسات فيما بينها.
وأكد أطباء في منظمة “تحالف الصحة البيئية” توقعات العلماء بأن الخفافيش تستضيف نسبة أعلى بكثير من الأمراض الحيوانية المصدر من بين جميع الثدييات الأخرى. وخلصت دراستهم إلى أن هذه الأمراض هي تلك التي تنتشر من الحيوانات إلى البشر، ولا يمكن النجاة من الفيروسات التي تؤويها.
وعلى الرغم من أنه يجب دراسة الخفافيش ومراقبة الفيروسات التي تأويها لأسباب تتعلق بالصحة العامة، فإن هذا الأمر لا يعني أن الخفافيش هي المسؤولة عن تفشي المرض.وأكد الدكتور دازاك أن التوقف عن بيع الحيوانات البرية في الأسواق أمر ضروري للحد من تفشي المرض مستقبلا، بالإضافة إلى ضرورة مراقبة الحياة البرية ودراستها، ومنها مراقبة الخفافيش.
المصدر : نيويورك تايمز