مقالات وتقارير
الدولة العميقة هي التي أسقطت دونالد ترامب
صدق الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ على فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية، ورفض الطعون على نتائج الانتخابات الرئاسية التي تقدم بها مشرعون جمهوريون.
حدث هذا بعد أن اقتحم أنصار الرئيس ترامب مبنى الكابيتول لمنع الكونغرس من التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن في
الانتخابات.
إن الحمى التي تلتهب الآن في أمريكا من جراء الخيبة التي حصلت للكثير من الأمريكان بعد فوز جو بايدن أخذت تبرز شيئا فشيئا وتصعد حرارتها بالرغم من الاعتراف ترامب بالهزيمة.
وهذا ما يبعث على القلق الشديد . ذلك أن حدوث الاضطرابات وما يتوقع أن تقابلها به السلطة من شأنه أن يؤدي الى اضطرابات في أمريكا وبالتالي في العالم .
والسؤال الافتراضي هنا هو : من المتسبب في كل هذا ؟ .
أن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه ظاهرة عالمية ذات قيمة عظمى وهي بروز الصين كقوة اقتصادية ويقظة الشعوب الأخرى
واندفاعها في تحررها السياسي ، وهذا معناه أن أمريكا لم تعد ذلك البلاد الذي يجمع أغلب دول العالم حوله و تتولى فيه الزعامة من الناحية المعنوية والاقتصادية والسياسية .
هذا هو برنامج أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية . ولكن يبدو أن ترامب لم ينظر الى هذا البرنامج. لذلك رأت الدولة العميقة أن ترامب لم يعد يلبي مصالح هذه الدولة، بل ربما غدا عبئاً عليها، ومكلفاً أكثر مما يحتمل.
وكان واضحا أن العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و “الدولة العميقة” الأمريكية معقدة للغاية ومليئة بالتوترات وجداول الأعمال المتضاربة.والدليل على ذلك نزع الشرعية عن الرئيس الأمريكي بشكل منتظم من قبل وسائل الإعلام، وقبل كل شيء، بشكل غير مباشر، من قبل هياكل الاستخبارات، فالمخابرات الأمريكية هي الآن جزء لا يتجزأ من اللعبة السياسية ، وهي التي أسقطت ترامب.
ويقال أن نخبة تضم مسؤولين حكوميين ومسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية ومفكرين استراتيجيين وأساتذة علاقات دولية وجنرالات متقاعدين، اتحدوا ضد دونالد ترامب.
وفي المُحصِّلة، يأتي دور “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة للفصل بين المُتخاصمَين السياسيين وتختار المناسب لها ولأمريكا حتى لا تُشعِل شوارع وتحرق ولايات، وتُفكك فيدرالية هشَّة، وهذا ما ليس في مصلحة الدولة العميقة .
في الانتخابات السابقة فازت بها هيلاري كلينتون ولكن الدولة العميقة فضلت ترامب .على كل حال فإن المشهد الحالي في الولايات المتحدة، يمثل أكبر إساءة للديمقراطية الأمريكية، التي يراها كثيرون في العالم ، نموذجا يحتذي به، كما أنه يمثل انتكاسة لدعاة الديمقراطية في دول عدة، والذين يستلهمون النموذج الأمريكي، في سعيهم للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والمقالات عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في تركيا اليوم لا تعبر عن عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع
المقال للكاتب الصحفي رابح بوكريش