أخبار تركيا اليوم
“الموجة الثالثة” لكورونا ترهق القطاع الطبي في تركيا.. وخياران أمام الحكومة
أيام “صعبة” يعيشها القطاع الطبي في تركيا، مع تصاعد معدل الإصابات بفيروس “كورونا” ضمن ما يسمى داخل الأوساط المحلية بـ”الهجـ.ـوم الثالث للفيروس”، والذي يبدو أنه أشد قسوة من سابقاته، بالنظر إلى معدل الوفيات اليومي.
البلاد كانت قد سجلت الخميس رقما قياسيا بالإصابات اليومية، وذلك للمرة الأولى منذ بداية الجائحة، وبلغت حسب وزارة الصحة التركية قرابة 56 ألف إصابة يومية، ومعها 258 حالة وفاة.
وحسب معطيات الوزارة فقد ارتفعت حصيلة الوفيات جراء الفيروس منذ بداية العام الماضي إلى 33 ألفا و201، بينما وصل إجمالي الإصابات إلى 3 ملايين و689 ألفا و866.
إقرأ المزيد : تركيا.. تفاصيل حظر التجول في رمضان
يقول أطباء ومتخصصو رعاية صحية إن عدد الحالات المتصاعدة التي يتم تسجيلها بشكل يومي من شأنها أن ترهق قدرة القطاع الطبي في مشافي البلاد، والتي تعاني بالأصل من زيادة معدل إشغال وحدات العناية المركزة، والذي تقدر نسبته حاليا بنحو 70 بالمئة.
رمضان ياغجي ممرض يعمل في مشفى بمدينة إسطنبول التركية يشير إلى أن عدد الإصابات التي يتم إعلانها من قبل وزارة الصحة التركية قد تكون أكبر من ذلك، كون عمليات الإحصاء تترك هامشا بسيطا للزيادة أو النقصان، وهو الأمر الذي يعرفه معظم العاملين في القطاع الطبي داخل البلاد.
يقول الممرض لموقع “الحرة” إن نسبة إشغال وحدات العناية المركزة وصلت في بعض مشافي مدينة إسطنبول إلى 100 بالمئة، وهو الأمر الذي دفع إلى تحويل بعض غرف العمليات إلى غرف للعناية المشددة.
يوضح ياغجي أن “الهجـ.ـوم الثالث لكورونا” يختلف عن الهجمات السابقة من حيث معدل الوفيات، بالإضافة إلى أعراض جديدة لم تصب معظم الحالات السابقة، بل كانت تقتصر على حالات دون غيرها، وخاصة بالنسبة لكبار السن.
وتعاني معظم الإصابات الحالية من وصول الفيروس إلى مراحل متطورة، بعد وصوله إلى القصبات الهوائية والرئتين، ويتابع الممرض: “هذه المرحلة المتطورة من الإصابة تستدعي على الفور تحويل المصاب إلى غرف العناية المركزة”.
“العاملون الصحيون مرهقون”
في تصريحاته لصحيفة “جمهورييت” التركية، الجمعة، يقول علي إحسان أوكتن، الرئيس الثاني للجمعية الطبية التركية (TTB) إن البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة التركية “مرتفعة للغاية. لكن البيانات التي نتلقاها أعلى من ذلك”.
يضيف أوكتن أن بعض المستشفيات في أنقرة وإسطنبول وإزمير وصلت نسبة الإشغال فيها إلى 100 بالمئة، مشيرا إلى أن “العاملين الصحيين مرهقون. إنهم غير قادرين على تحمل هذه الموجة من الوباء”.
وبحسب رئيس الجمعية الطبية التركية: “يتم الاحتفاظ بالمرضى في غرفة الطوارئ أو إرسالهم إلى مستشفيات أخرى، وإذا استمر ذلك، فقد ينهار النظام الصحي”.
إقرأ المزيد : تعميم من وزارة الداخلية التركية بخصوص الإجراءات في رمضان
مع اتساع رقعة تفشي الوباء في مختلف الولايات التركية، كانت الحكومة التركية قد اقتطعت أجزاء أساسية من أنشطة الحياة اليومية، في الأسابيع الماضية، لتعيد الحظر من جديد في أيام العطلة الأسبوعية (السبت، الأحد)، كما التزمت بالحظر اليومي لمختلف فئات الشعب، من الساعة التاسعة مساء حتى الخامسة صباحا.
وتقول الحكومة إنها تهدف في الوقت الحالي إلى تقليل عدد الإصابات بـ”كورونا” خلال شهر رمضان المقبل، والذي سيشابه رمضان السابق من حيث إجراءات الحظر التي تشمل المطاعم والمقاهي وحتى المساجد في أثناء صلاة التراويح.
الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان أعلن منذ يومين أن هدف الحكومة من فرض تدابير ضد انتشار فيروس كورونا يتمثل بـ”إراحة البلاد بشكل عام طيلة شهر رمضان المبارك والتحضير لأيام أجمل لما بعد عيد الفطر”.
وأضاف إردوغان: “ليس من المهم قيام تركيا بتخفيف تدابير كورونا أو تغلبها على جائحة كورونا بمفردها، إنما المهم هو ألا نتأخر عن مستوى التعافي العام في العالم”.
“خياران فقط”
أمام تصاعد معدلات الإصابة بشكل غير مسبوق، قال وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجه إن أمامهم خيارين لضبط هذه الذروة.
وأضاف قوجه في تصريحات صحفية الجمعة: “الحل هو تسريع اللقاح قدر الإمكان، وتقليل التنقل معا. ليس هناك حل آخر”، معتبرا أن “قضية التطعيم هي مشكلة ليس فقط في تركيا، ولكن في جميع أنحاء العالم”.
وكشف وزير الصحة التركي عن مباحثات يجرونها من أجل الحصول على لقاح رابع، وهو اللقاح الروسي، وأوضح أنه تواصل الخميس مع وزير الصحة الروسي بشأن ذلك.
ومنذ البدء بعمليات التطعيم تجاوز عدد جرعات اللقاح التي تم حقنها في تركيا ضد فيروس كورونا، عتبة الـ 15 مليونا، ضمن إطار حملة تطعيم بدأتها وزارة الصحة مطلع العام الجاري.
وفي آخر إحصائيات الوزارة بلغ عدد تطعيمات الجرعة الأولى أكثر من 8.5 ملايين، والجرعة الثانية أكثر من 6.6 ملايين.
في المقابل استلمت تركيا حتى اليوم نحو 28 مليون جرعة من لقاحي “كورونافاك” و”بيونتيك” من خارج البلاد.
“الفرق في أربعة أسابيع”
لا يبدو الأمر على ما يرام في حال استمرت أعداد الإصابة بالارتفاع، والتي أظهرت مستوى قياسيا مع الدخول بشهر أبريل الحالي.
وإلى جانب مدينة إسطنبول التي تعتبر مركز الوباء في البلاد، هناك منطقة أخرى تكاد أسرة العناية المشددة فيها تنفذ، على خلفية معدل الإصابات الكبير قياسا بعدد السكان القليل.
وتعتبر محافظة سامسون الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لتركيا هي البقعة الأكثر إصابة بالمرض مقارنة بعدد سكانها بـ 678.72 حالة لكل 100 ألف نسمة.
وزير الصحة، فخر الدين قوجه وفي حوار مع صحيفة “حرييت” الجمعة استعرض معدل الإصابات الإجمالي وما يقابلها من أعداد تتطلب الدخول إلى غرف العناية المركزية.
ويقول قوجه: “بينما كان عدد الحالات المصابة بكورونا من 5 إلى 6 آلاف حالة في يناير الماضي، كان لدينا ما معدله 100 مريض يدخلون العناية المركزة يوميا”.
ويتابع: “الآن عدد الحالات 54-55 ألف، بينما عدد مرضانا الذين يدخلون العناية المركزة 300. عدد مرضى العناية المركزة يزداد بمقدار الثلث”.
وعبّر قوجه عن مخاوفه بشأن تصاعد منحى الجائحة، مشيرا بقوله: “إذا زاد عدد الحالات على هذا النحو السريع فستحدث مشكلة في النظام الصحي بعد 4 أسابيع”.
وأوضح: “لا توجد مشكلة الآن. ولكن إذا استمر الأمر على هذا النحو لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع أخرى فستبدأ المشكلة. العبء الحالي أقل بكثير من العبء الصحي الذي عانينا منه خاصة في نوفمبر وديسمبر”.
المصدر : وكالات