مقالات وتقارير
لماذا يؤخر أذان الفجر في إسطنبول
الأتراكومَن جاورهم مِن بعض الدُّول- على مذهب (الأحناف) الَّذين يرون أنَّ السُّنَّة في صلاة الفجر هي أنْ تُصَلَّى وقت (الإِسْفَار) – وهو بداية ضوء النَّهار قبل طلوع الشَّمس- خلافًا للجُمهور (الشَّافعيَّة، والحنابلة، والمالكيَّة) الَّذين يرون أنَّ السُّنَّة أنْ تُصَلَّى وقت (الغَلَس) – وهو ظُلمة آخر اللَّيل حينما تختلط بضوء الصُّبح- أي أنَّ (الأحناف) يرون تأخير صلاة الفجر، و(الجمهور) يرون التَّبكير بها في أوَّل وقتها، ولكلٍّ أدلَّته وتوجيهها، ولستُ بصدد ذِكْر أدلَّتهم ومناقشتها في هذه المقالة.
وسأضرب بها مثالًا توضيحيًّا:وقت أذان الفجر اليوم الثلاثاء أول أيام شره رمضان المبارك 2021 السَّاعة (04:50) صباحًا بالتَّوقيت المحلِّيّ.
لكنَّك لن تسمع الأذان في كُلِّ مساجد المدينة في هذا التَّوقيت؛ وإنَّما بعد (40)، أو (45) دقيقة، ثُمَّ يُصلُّون الفجر بعد ساعة من وقت الأذان الفعليّ.قد يقول قائل: وما المشكلة طالما أنَّهم يَتْبعون مذهب الأحناف في تأخير صلاة الفجر، وهو قولٌ مُعتبرٌ له أدلَّته؟!
أقول: ليس هناك مشكلة في تأخير صلاة الفجر عملًا بمذهب الأحناف – مع أنَّني أرى بعد دراسة المسألة ترجيح قول الجمهور- لكنَّ المشكلة الحقيقيَّة– وهي موضع الشَّاهد، والسَّبب الرَّئيس لكتابة هذا المنشور التَّوضيحيّ- أنَّهم يُؤخِّرون الأذان عن وقته الشَّرعيّ؛ وفي هذا عنتٌ ومشقَّة لمَن يصوم صيام فريضة، أو لا يعرف عادتهم في صلاة الفجر.
ولو أنَّهم كانوا يُؤذّنون في الوقت الفعليّ – الوقت الشَّرعي المُعتَبر- ثُمَّ يؤخّرون إقامة الصَّلاة حتَّى الإسفار – عملًا بالمذهب الحنفيّ- لكان خيرًا لهم، وما لُبِّسَ على النَّاس وقت الفجر.
فتخيَّلْ سائحًا بحث عن مواقيت الصَّلاة في (إسطنبول) – مثلًا- فوجد أنَّ وقت أذان الفجر (05:35) فذهب إلى المسجد فلم يجد أحدًا.
وأذكرُ أنَّني حينما زرتُ (سراييفو) – عاصمة جمهوريَّة البوسنة والهرسك- أوَّل مرَّة ذهبتُ إلى المسجد بِناءً على وقت الأذان الفعليّ فوجدتُ المسجد مغلقًا، فلمَّا عدتُ إلى الفندق سمعتُ الأذان بعد (45) دقيقة، ولم أكن أعرف أنَّ أهل البوسنة على دين الأتراك.
لكنَّهم – الأتراك والبوسنيّين- يُؤخِّرون أذان الفجر على عادتهم طوال أحد عشر شهرًا، فإذا جاء شهر رمضان رفعوا الأذان على الوقت الفعليّ دون تأخير، وأقاموا الصَّلاة بعد ساعة.
وقد أدركتُ بعض مساجد (القاهرة) يفعلون ذلك – الأذان على الوقت، والصَّلاة بعد ساعة- طوال السَّنة.
الخلاصة:إذا زرتَ تركيا فاعلمْ أنَّ الأتراك يُؤخِّرون أذان الفجر عن وقته الحقيقيّ، ويُصلّون بعد ساعة تقريبًا*.
*في أطول أيَّام الشِّتاء في مدينة (إسطنبول) وتحديدًا في شهر (كانون الآخِر) – الشَّهر الأوَّل في السَّنة الميلاديَّة- تُصلَّى صلاة الفجر السَّاعة (8) صباحًا، وتشرق الشَّمس السَّاعة 08:29 صباحًا!