مقالات وتقارير
ما دلالات وأهمية اكتشاف تركيا لكميات إضافية من الغاز الطبيعي؟
متابعة – تركيا اليوم
بعد أقل من عام على إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن اكتشاف بلاده أولى حقول الغاز الطبيعي في البحر الأسود، كشف مؤخراً عن اكتشاف كميات إضافية في محيط موقع “أماسرا-1” مستمرة قبالة سواحل ولاية زنغولداق، تقدّر كمياته بـ135 مليار متر مكعب.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح ميناء “فيليوس” ووضع حجر الأساس لمحطات معالجة الغاز الطبيعي بولاية زنغولداق المطلة على البحر الأسود.
وأوضح أردوغان أنه مع الاكتشاف الجديد في موقع “أماسرا-1” بحقل صقاريا، بلغ إجمالي احتياطي الغاز المكتشف بالمنطقة 540 مليار متر مكعب.
وأكد أن أنشطة التنقيب في محيط موقع “أماسرا 1″ مستمرة، و”نتطلع لورود أخبار سارة جديدة من هذه المنطقة”.
ومع اكتشافات تركيا المتتالية للغاز الطبيعي في البحر الأسود، تزداد آمال الأتراك بوصول بلادهم إلى مصافي “الـ10 الكبار”، وتحسين الواقع الاقتصادي عبر تقليل الاعتماد على الخارج في مجال الطاقة وتلبية الاحتياجات محليا.
وأكد خبراء أن اكتشافات الغاز في البحر الأسود ستجعل أنقرة أكثر قوة على المستوى الاقتصادي، وستمنحها مزيدا من الحرية في حركتها السياسية الخارجية.
إقرأ المزيد : متى تستخرج تركيا الغاز المكتشف.. هل تكتفي ذاتيا؟
فمع اكتشاف هذه الاحتياطات سيصبح الموقف التركي أقل تعرضا للضغوطات الروسية النابعة من سيطرتها على موارد الطاقة الأساسية لتركيا.
وأشار ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى أن الحدث، الذي تفوق أهميته هذه الحقول، هو قدرة تركيا على القيام بمثل هذه العمليات في البحر الأسود بإمكانياتها الذاتية فقط، وفقاً لما نقله تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “يني شفق” أن اكتشاف الغاز الطبيعي سيثمر عن متغيرات اقتصادية مهمة في مجالات مختلفة، مرجحة أن تشهد معدلات التضخم تراجعا كبيرا نتيجة انخفاض تكاليف الطاقة المستخدمة في القطاع الصناعي، وسينعكس ذلك في شكل انخفاض واضح في الأسعار، مبينة أن أسعار الفائدة ستنخفض بشكل تدريجي نظرا للإيراد السنوي، الذي سيدخل البلاد بفضل الغاز المكتشف، والمقدر بمليارات الدولارات.
من جهته، قال محمد كلوب، الباحث الاقتصادي في جامعة يلدريم بيازيد بأنقرة، إن الاكتشافات هذه “ستغيّر موقع تركيا تدريجياً في سوق الطاقة العالمية من مستورد بحت إلى مكتف ذاتيا في سوق الغاز الطبيعي.”
ولفت إلى أن الآثار الاقتصادية الملموسة للاكتشاف ستبدأ فعليا مع بداية الإنتاج، وستنعكس إيجابيا على الميزان التجاري التركي.
ويتوقع تقرير لوكالة “بلومبيرغ” أن تتراجع عمليات الاستيراد عبر خط ترك ستريم (خط أنابيب الغاز الطبيعي بين روسيا وتركيا) بناء على حجم الاكتشافات.
وفي هذا السياق، كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد صرّح بأن بلاده لن تتوقف حتى نكون دولة مصدّرة للطاقة، مؤكدا أن الطاقة تكتسب أهمية كبيرة في تحقيق الاستقلال الوطني، إلى جانب كونها عنصرا رئيسا في التنمية.
ولفتت “يني شفق” إلى أن اكتشاف الغاز الطبيعي سينهي عهد تبعية استيراد الغاز؛ مما سيثمر بدوره انخفاض فواتير الغاز.
وتتمثل الخطوات الأخرى لخفض فاتورة الطاقة وتحقيق الأمن الطاقي، بسعي أنقرة إلى مراجعة عقود توريد الغاز، وخفض تكلفته في ظل تتالي اكتشافاتها في البحر الأسود، ويرى الخبراء أنها تملك أوراقا أخرى تجعلها قادرة على إبرام عقود جديدة بشروط أفضل لتوريد الغاز الروسي، من أهمها انطلاق عمليات توريد الغاز من أذربيجان منذ العام الماضي، عبر “خط أنابيب الغاز عبر الأناضول”، فضلا عن التطورات التي يشهدها سوق الغاز الطبيعي المسال عالميا.
وفي معرض الإجابة على سؤال حول وجود اكتشافات أخرى لاحقاً، قال وزير الطاقة والموارد التركي، فاتح دونماز، في تصريحات صحفية إنه من المتوقع أن تُكتشف في أقرب وقت آبار وحقول جديدة في منطقة حقل الغاز المكتشف.
وأشار إلى أن بلاده تواصل العمل في مناطق الاكتشافات التي حصلت، وأنهم سيواصلون “أعمال التنقيب والمسح بإمكانيات محلية، كما سيُنشأ خط أنابيب لنقل الغاز.”
وأرجع خبراء في الطاقة إمكانية اكتشاف حقول غاز جديدة إلى عاملين، الأول هو إثبات الإمكانات التركية الوطنية قدرتها على البحث والتنقيب واكتشاف حقول ضخمة، وثانيهما العامل البيئي، إذ تشير الدراسات إلى خصوبة المنطقة وغناها بالموارد الطبيعية.
ويعزز العامل الثاني تصريح وزير الطاقة التركي أن ما أظهرته الاختبارات والتحاليل بخصوص جودة الغاز المكتشف، سينعكس بشكل إيجابي على تكلفة استخراجه.
أما رئيس الاتحاد التركي لموزعي الغاز الطبيعي، يشار أرسلان، فقال إن الاكتشاف الجديد والبالغ 135 مليار متر مربع لن يكون الأخير. مشيرا إلى أن الاحتياطي الحالي سيرتفع مع استمرار أنشطة التنقيب والحفر لسفن الأبحاث الزلزالية في المنطقة، وستشهد الأشهر المقبلة اكتشافات جديدة للموارد في البحر الأسود.
المصدر : وكالات