عربي
كثافة سكانية الأعلى عالمياً.. لماذا لم يصل “كورونا” إلى قطاع غزة؟
لم يدرِ الفلسطينيون في قطاع غزة أن الحصار الإسرائيلي المشدد عليهم منذ 14 عاماً، سيكون بمنزلة نعمة عليهم، وموضع حسد من الجميع، خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد ووصوله لغالبية مدن ودول العالم من خلال تنقل الأفراد عبر المطارات والمنافذ البرية، والموانئ البحرية.
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يسجل قطاع غزة أي حالة مصابة بفيروس كورونا رغم انتشاره بالدول والمدن المحيطة به، خاصة مصر التي له معها منفذ بري وسجلت عشرات الحالات، والأراضي المحتلة والضفة الغربية التي يوجد منفذ آخر للتنقل إليها.
وسجلت الضفة الغربية المحتلة التي تحكمها السلطة الفلسطينية ولها منفذ بري مع الأردن، 41 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، في حين سجلت “إسرائيل” 304 حالات، ومصر 166 و4 حالات وفاة.
وعلى عكس تقرير سابق للأمم المتحدة، أطلقت فيه تحذيراً من أن قطاع غزة لن يكون صالحاً للعيش بحلول 2020″، أصبح القطاع المكان الأكثر آمناً في العالم من وصول وانتشار فيروس كورونا، بسبب الإغلاق المحكم له، وعدم وجود أي مخالطات للسكان مع أجانب أو وفود.
وكان للحصار الذي فرضته “إسرائيل” عقب فوز حركة “حماس” بالانتخابات التشريعية عام 2006، سبباً مهماً في عدم تسجيل أي إصابة في وباء كورونا حتى كتابة هذه السطور، إذ لم يكن بوسع سكانه الدخول أو الخروج منه سوى بإجراءات صارمة.
ما السبب؟
مدير دائرة مكافحة العدوى، في وزارة الصحة الفلسطينية، رامي العبادلة، يؤكد أن قطاع غزة لا يزال خالياً من أي حالات مصابة بفيروس “كورونا المستجد”، المعروف طبياً بـ”كوفيد 19”.
وقال “العبادلة” في حديث مع “الخليج أونلاين”، إن ذلك يعود لقلَّة سفر المواطنين، بسبب الحصار المفروض.
وشدد على أن قطاع غزة لديه استعدادات لاستقبال فيروس كورونا، حيث تم تخصيص أماكن للحجر الصحي لجميع المسافرين العائدين، لمدة 14 يوماً، وإجراء فحوصات للمشتبه فيهم.
وكشف أنه تم إجراء فحوصات طبية لـ33 حالة وصلت إلى قطاع غزة من الخارج، موضحاً أن النتائج كانت سلبية، بمعنى أنها غير مصابة بفيروس كورونا.
ومع ذلك، لم يستبعد “العبادلة” وصول فيروس كورونا إلى قطاع غزة رغم الحصار المفروض وقلّة حركة المواطنين، على حد قوله.
إجراءات وقائية
وعلى الرغم من عدم تسجيل أي حالة في قطاع غزة، فإن لجنة متابعة العمل الحكومي بالقطاع اتخذت جملة من القرارات بناءً على توصيات جهات حكومية مختصة؛ لمواجهة خطر الإصابة بفيروس كورونا الوبائي.
وكان أول القرارات منع سفر الأفراد عبر معابر قطاع غزة حتى إشعار آخر إلا للحالات الضرورية القصوى؛ للحد من انتقال العدوى، وإخضاع الوافدين كافة إلى القطاع للحجر الإلزامي.
كما قرَّرت تمديد إغلاق المؤسسات التعليمية كافة حتى نهاية شهر مارس الحالي، على أن يتم التقييم أسبوعياً، واستمرار تكثيف وتوسيع عمليات فحص كل من يُشتبه في إصابته بالفيروس.
أيضاً دعت لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة المواطنين إلى الامتناع عن إقامة التجمعات الكبيرة؛ حفاظاً على صحتهم وأرواحهم، وتوخي الحذر في تناقل الأخبار، وعدم نشر أي أخبار متعلقة بفيروس كورونا ما لم تكن صادرة عن وزارة الصحة، مشددة على أن كل من يخالف ذلك سيعرّض نفسه للمساءلة القانونية.
“الصحة العالمية”
بدوره أرجع مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، عبد الناصر صبح، أسباب عدم وصول جائحة فيروس كورونا للقطاع إلى كونه منطقة غير سياحية، تعيش تحت حصار منذ 14 عاماً متواصلاً.
وينتشر الفيروس، وفق حديث “صبح” لـ”الخليج أونلاين”، من خلال تنقُّل الأفراد المصابين عبر المطارات ومخالطتهم أشخاصاً سالمين، في حين لا توجد بقطاع غزة مطارات يمكن أن تتسبب في انتشار الفيروس.
ومع ذلك، قال “صبح” إن وصول فيروس كورونا إلى قطاع غزة بات مسألة وقت فقط؛ لكونه تحوَّل إلى جائحة وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية، وأصبح منتشراً في دول العالم.
ويعني رفع منظمة الصحة العالمية مرتبة تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) من درجة “وباء” إلى درجة “جائحة”، أنه انتشر رسمياً في مناطق جغرافية كبيرة تغطي قارات متعددة والعالم بأَسره، كما يؤكد مدير المنظمة العالمية في القطاع المحاصر.
وعن الوضع الصحي بقطاع غزة للتعامل مع الفيروس في حالة وصوله، يؤكد مدير مكتب منظمة الصحة العالمية، أن القطاع الصحي في غزة منهَك بسبب الحصار، وبسبب ذلك يمكنه التعامل مع أول 100 حالة بطريقة جيدة.
ويوجد داخل مستشفيات قطاع غزة 62 سرير عناية مركزة، وثلثها مشغول بحالات مرَضية عادية.
وعن جهود منظمة الصحة العالمية مع الجهات الرسمية في قطاع غزة لمواجهة فيروس كورونا، يوضح “صبح” أن منظمته أصلحت جهاز الفحص المعروف باسم “PCR”، البالغة تكلفته 50 ألف دولار.
وأوضح أن المنظمة الدولية زوَّدت وزارة الصحة في غزة بالمواد الخاصة بالفحص، ودربت العاملين فيها على كيفية التعامل معه، وبالفعل بدأت الطواقم الطبية بإجراء فحوصات لعينات مشتبه في إصابته بفيروس كورونا.
ويقدَّر عدد سكان قطاع غزة بنحو 1.99 مليون نسمة، منهم 1.01 مليون ذكر، و980 ألف أنثى، حتى نهاية النصف الأول من العام 2019، حسب بيان للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.
ويعاني نحو 56.6% من سكان قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، في حين يعيش نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، حسب بيانات أممية.
وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2017، توقع أن تصبح غزة “غير قابلة للعيش فيها بحلول عام 2020”.
المصدر : الخليج أونلاين