Connect with us

السياحة في تركيا

برج الفتاة وآخر ابتلعه البحر.. قصة لغز وأسطورة في قلب البوسفور

Published

on

برج الفتاة

تزخر مدينة إسطنبول بالآثار البيزنطية والعثمانية اللافتة والفريدة، وكما هو حال القصور والمعابد والقلاع تسيطر الأبراج أيضاً على المشهد التاريخي للمدينة الساحرة.برج الفتاة، مدينة إسطنبول (AA)

تعج مدينة إسطنبول بالآثار البيزنطية والعثمانية اللافتة والفريدة، وكما هو حال القصور والقلاع تسيطر الأبراج أيضاً على المشهد التاريخي للمدينة الساحرة. وفور الحديث عن الأبراج، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن برجا الفتاة وغلاطة في الشقين الآسيوي والأوروبي، وما يرافقهما من حكايا وأساطير، فيما تفوتنا العديد من الأبراج التي دمرت بفعل الزلازل، والتي لا تقل روعة وجمالاً عن تلك التي استمرت معنا لغاية يومنا الحالي.

ومن تلك الأبراج الأسطورية، برج بيليساريوس الذي لو نجا لكان هو الآخر من بين تلك الرموز والمعالم التي تزين وتضفي لمسة تاريخية بالقرب من ساحل شبه الجزيرة التاريخية الواقعة في الشق الأوروبي لمدينة إسطنبول، تماماً كتلك اللمسة الرومانسية التي يضفيها برج الفتاة على مضيق البوسفور اليوم.

وعلى الرغم من أن هيكل البرج لم يستطع الصمود أمام الزلازل التي دمرته بالكامل، فإن صوره حاضرة في النقوش والخرائط البيزنطية والعثمانية، وأسطورته ما زالت تُحكى هي الأخرى. في هذا التقرير نستعرض الأساطير التي تروى عن البرج البيزنطي الذي ابتلعه البحر، بالإضافة إلى برج الفتاة.

برج بيليساريوس (Belisarius Kulesi)

لو بقي صامداً لكان بلا أدنى شك أحد أبرز المعالم الأثرية لمدينة إسطنبول، ولكان الأثر البيزنطي الثاني الذي يزين مضيق البوسفور إلى جانب برج الفتاة.

وعن الموقع المحتمل للبرج، يقول المؤرخ والكاتب محمد دلباز الذي تحدث لموقع (TRT Haber): “يقع البرج في نقطة بين منارة أهركابي وشاتلادا كابي اليوم في الشق الأوروبي، كما هو مذكور في النقوش والمنمنمات في المصادر البيزنطية والعثمانية المرسومة في أوقات مختلفة”. وبالنسبة إلى تاريخ البناء، فإنه لا توجد معلومات واضحة حول تاريخ بناء البرج، ولكن التقديرات تشير إلى أنه قد تم بناؤه في نفس وقت بناء برج الفتاة.

وبحسب دلباز، فقد سُمي البرج على اسم القائد البيزنطي فلافيوس بيليساريوس الذي سُجن فيه لفترة نتيجة صراعه مع الإمبراطور البيزنطي جستنيان. ويُعرف البرج أيضاً باسم “قلعة حمزة (Kale-i Hamza)” بحسب خريطة بحرية رُسمت في النصف الثاني من القرن السادس عشر. وفقاً لبعض المؤرخين، فقد كان البرج جزءاً من جدار دفاعي لقصر (Bukoleon) الشهير في بيزنطة.

وهناك احتمالان خلف انهيار ودمار برج بيليساريوس، الأول دماره بفعل الزلزال الشهير الذي ضرب مدينة إسطنبول عام 1766، فيما ترددت شائعات عن اندلاع حرائق في البرج وتلفه نتيجة انفجار البارود المخزن بداخله، إذ إن البرج استخدم منارةً ومخزناً للبارود لفترة من الوقت.

برج الفتاة (Kız Kulesi)

بُني برج الفتاة، الذي يُعد أحد أبرز المعالم التي تتبادر إلى الذهن عندما يتعلق الأمر بالأماكن السياحية بمدينة إسطنبول، على جزيرة صغيرة قبالة ساحل حي أوسكودار، ويقف وحيداً في نقطة التقاء قارتي آسيا وأوروبا وسط مضيق البوسفور، مراقباً إسطنبول العظيمة. وبعمره الذي يبلغ 2500 عام، عاش برج الفتاة شاهداً على تاريخ المدينة وتجاربها، بدءاً من فترة حكم البيزنطيين، مروراً بالحكم العثماني، وصولاً إلى التاريخ المعاصر.

وإلى جانب منظره البديع والرومانسي ارتبطت به الكثير من الحكايات والأساطير، والتي أبقته لغزاً غامضاً وسط البوسفور، ومكاناً مميزاً يجذب آلاف العشاق والسياح.

ومن أشهر الأساطير حول الغاية من بنائه هي حكاية الثعبان، التي اختتمت بنهاية مشابهة لنهاية كليوباترا. فبحسب الأسطورة، كان هناك ملك راوده حلم أن ابنته الحبيبة ستموت عندما تبلغ 18 عاماً بسبب لدغة أفعى. وخوفاً عليها، أمر ببناء برج وسط البحر تسكنه حتى يحول بينها وبين الأفاعي. وفي عيد ميلادها الـ18، تلقت ابنة الملك سلة مليئة بالفاكهة، كان يختبئ فيها ثعبان لدغها وتسبب في وفاتها.

وهناك أسطورة أخرى حزينة تكشف عن سبب تسمية البرج بهذا الاسم، مفادها أن البحر حال دون قرب العاشقين ليوندروس وهيرو، ففي ليلة عاصفة، وفور رؤية ليوندروس المصباح مشتعلاً في البرج الذي تسكنه هيرو، قفز في البحر معتقداً أن حبيبته بعثت في طلبه، إلا أن المصباح أناره شخص آخر كان يعرف بالإشارة السرية بين العاشقين، بهدف قتل ليوندروس، الذي أغرقته أمواج البحر. وفور علمها بوفاة حبيبها، لم تتحمل هيرو آلام الفراق فألقت بنفسها في البحر وأنهت حياتها.

تاريخ بناء برج الفتاة

عند النظر إلى الأدلة التاريخية، نجد أن البرج بُني لأول مرة عام 410 قبل الميلاد، واستخدمه القائد اليوناني الكيبياديس من أجل السيطرة على السفن المارة عبر مضيق البوسفور وتحصيل الضرائب. وبعد سيطرة الرومان على مدينة إسطنبول، عزز الإمبراطور البيزنطي مانويل كومنينوس المبنى بالحجارة وصممه برجاً كاملاً وحوّله إلى مبنى دفاعي. وبقي بعدها البرج مهجوراً لسنوات طويلة، إلى أن استُخدم عام 1110 محطة مخصصة للسفن القادمة عبر البحر الأسود.

وبعد فتح إسطنبول على يد السلطان العثماني محمد الثاني (الفاتح) عام 1453، استخدمه العثمانيون برج مراقبة بعد بناء أساسات البرج وأجزاء مهمة من الطابق السفلي، وبقي كذلك إلى أن تدمرت أجزاء كبيرة منه بفعل الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1509. وعقب إصلاحه استخدم منارة حتى عام 1829، ومن ثم بدأ يستخدم محجراً صحياً.

المصدر: TRT عربي

فيسبوك

Advertisement