أخبار تركيا اليوم
عقب احتدام الجدل حولهم.. ما هي حظوظ المعارضة التركية في ترحيل السوريين إلى بلادهم؟
تشهد تركيا خلال الأشهر الأخيرة، احتداماً في الجدل حول اللاجئين السوريين على أراضيها، وذلك بعد حديث للمعارضة عن اعتزامها ترحيلهم فور وصولها إلى السلطة، الأمر الذي طرح أسئلة حول حظوظها في فعل ما تقوله.
بداية الجدل كانت عبر تهديدات أطلقها، زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو ضد اللاجئين، بتأكيده ضرورة ترحيل السوريين، أعقبه قرار رئيس بلدية مدينة بولو، تانجو أوزجان، المنتمي للحزب نفسه، بفرض رسوم تزيد بنسبة 10 أضعاف على فواتير المياه الخاصة بالسوريين.
وعلى الرغم من أن البعض ينظر إلى ذلك الخطاب أنه يندرج ضمن المناكفات السياسية بين أحزاب المعارضة وحزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن المعطيات تشير إلى أن التصاعد في طرحه قد يؤدي إلى مؤشرات خطرة، في حين يقول القائمون على الخطاب التحريضي إن هدفهم يكمن في إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم، بحسب ما ذكره تقرير لـ “الجزيرة نت.”
وحسب وكالة “دمير أوران” التركية، فقد رفعت المحامية أرزو أيدن إلى مكتب المدعي العام في بولو دعوى قضائية ضد أوزجان. كما رفعت الرابطة الرسمية لحقوق اللاجئين في تركيا دعوى قضائية على أوزجان بسبب “خطابه العنصري”، وأنها ستتابع الإجراءات القانونية ضده متابعة شخصية، وفقا لبيان الرابطة.
من جانبها ذكرت وسائل إعلام تركية أن تحقيقا رسميا فتح بحق أوزجان. وقالت صحيفة “حرييت” إن مكتب المدعي العام في بولو بدأ تحقيقا ضده بتهم “إساءة استخدام السلطة والكراهية والتمييز”.
وكان أوزجان قد صرح خلال مؤتمره الصحفي “دعوهم يقاضونني، أنا أتحدث علنا عن سبب قراري، وأعرف أن الناس سيصفونني بالفاشي، لكنني ببساطة لا أهتم”.
وتصدّرت 3 وسوم، وصفت بالتحريضية، الترند التركي على موقع التواصل تويتر، وتفاعلت آلاف الحسابات عبرها، حيث دعا مستخدمون إلى إجبار السوريين على العودة.
ولا تعرف الجهة القائمة بشكل أساسي على تلك الحملات، في حين يقول صحفيون مقربون من الحكومة التركية إنها ترمي إلى تأجيج الشارع على حزب العدالة والتنمية الحاكم، كونه يبدي مواقف دفاعية عن السوريين، وعن بقائهم داخل البلاد.
في المقابل هاجم كثير من الأتراك رئيس بلدية بولو، ووصفوه بالفاشي، مطالبين السلطات بإيقافه ومحاسبته على تصريحاته التي لا تمت بصلة لأخلاق الأتراك، حسب تعبيرهم.
ويعرف أوزجان بمواقفه العنصرية تجاه اللاجئين السوريين، ففي أثناء حملته الانتخابية في 2019 نادى بطردهم من تركيا، قائلا “لا نريد رؤية السوريين في بلادنا”، وعند توليه رئاسة بلدية بولو عام 2019 ألغى قرار تقديم المساعدات الغذائية للمحتاجين.
وبحسب بيانات رسمية لإدارة الهجرة التركية، فإن بولو الواقعة بين إسطنبول وأنقرة تضم 1200 لاجئ، أي أن نسبة السوريين إلى المواطنين الأصليين في المدينة تشكل 0.38 بالمئة.
التطورات الأخيرة أثارت خشية السوريين لا سيما أن الانتخابات المحلية التي جرت في عام 2019، والتي وضعت السوريين في الواجهة أيضا أنتجت حوادث عنف وعنصرية نحو السوريين، وإن كانت الحكومة التركية قد أعلنت مرارا تمسكها بحماية السوريين.
وفي السياق، يؤكد الصحفي التركي أوراز آيدين -عضو مبادرة “نريد العيش معا” التي تكافح العنصرية ضد السوريين في تركيا- أن العنصرية التي يواجهها المهاجرون تتعدى كل الحساسيات السياسية، إذ يعتقد مواطنون أن اللاجئين سرقوا فرص العمل من الأتراك وأسهموا في انهيار الاقتصاد، مبينا أن “كل هذا نابع من نزعة عنصرية قديمة تستهدف العرب بصفة عامة وأطنان من التعبيرات المبتذلة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتنص المادة العاشرة من الدستور التركي على أن الجميع سواسية أمام القانون، من دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس، أو الفكر أو المعتقد أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة.
وحسب المادة “216” من قانون العقوبات التركي، يُعاقب بالسجن من سنة إلى 3 سنوات من حرّض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة على الكراهية والعداوة ضد شريحة أخرى من السكان، ما يتسبب بوجود خطر واضح ووشيك على السلامة العامة.
ويقول المحامي ظافر بيوك غومش “قانونيا، لا يمكن التعامل مع الأشخاص على أساس التفرقة، ولا يمكن أخذ العرق بالاعتبار عند التوظيف أو تشكيل الأحزاب على سبيل المثال”.
وأضاف بيوك غومش “حسب القانون، لا يستطيع رئيس البلدية إصدار قرارات تتعلق بعمليات الترحيل لأن البلديات معنية بتقديم الخدمات من نظافة ومياه وصرف صحي وتحصيل ضرائب محددة، ويرتبط موضوع الترحيل بالسلطة المركزية، وهي حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان التي ما زالت تدعم السوريين، وأي قرار بالترحيل يكون نافذًا إذا كان متخذًا من قبل ممثل الحكومة في المدينة وهو الوالي”.
وصحيح أن البلديات لا تملك سلطة طرد السوريين، إلا أن لقراراتها أبعادًا نفسية، وتضع السوريين أمام مرحلة جديدة، وخصوصًا أن حزب الشعب الجمهوري المعارض يرأس 11 بلدية كبرى، من بينها مدن كبيرة مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا وأضنة، و10 ولايات و191 قضاء.
يُذكر أن عدد السوريين المقيمين في تركيا يبلغ 3 ملايين و690 ألفًا و896 نسمة، حسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة عام 2021.