سوريا اليوم
مثلث برمودا.. خرافات وحقائق حول المثلث البحري الأكثر خطورة وإثارة للجدل
طالما أثار مثلث برمودا حيرة العلماء والباحثين وألهب خيال الكتّاب الذين نسجوا حوله خرافات وقصصا لا حصر لها. لكن هذه الخرافات لم تأت من فراغ، ففي هذه المساحة الشاسعة من المحيط الأطلسي بمحاذاة الساحل الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة؛ غرقت سفن ولم يُعثر لها على أثر، واختفت طائرات من شاشات الرادار، وقيل إن فرق إنقاذ بأكملها غرقت في المحيط أثناء تحليقها فوق هذا المثلث.
وعلى الرغم من أن عدد السفن والطائرات التي اختفت في منطقة مثلث برمودا غير معروف؛ فإن معظم التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن نحو 50 سفينة و20 طائرة اختفت في هذه المنطقة على مدى السنوات الـ100 الماضية وفُقِد كثيرون على متنها.
أين يقع مثلث برمودا؟
يشغل مثلث برمودا مساحة كبيرة من المحيط الأطلسي؛ إذ تتراوح مساحته الإجمالية -بحسب التقديرات- بين مليون و300 ألف كيلومتر مربع وبين 3 ملايين و900 ألف كيلومتر مربع. ويحده غربا الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة، وشمالا أرخبيل برمودا وجنوبا جزر الأنتيل الكبرى (كوبا وهيسبانيولا وجاميكا وبورتاريكو). وهذه المنطقة تتخذ شكل مثلث عجيب.
ورغم ذلك، فلا توجد أي خرائط رسمية تعيّن حدود المنطقة التي يقع مثلث برمودا بها، ولم يُعترف به كمنطقة رسمية في المحيط الأطلسي.
اختفاء غامض في مثلث برمودا
تعود قصص اختفاء السفن والطائرات الغامض في مثلث برمودا إلى القرن الـ19. ففي عام 1880 اختفت سفينة تدريبية أبحرت من جزر برمودا، واختفى كذلك طاقمها على متنها.
وفي عام 1918، اختفت سفينة شحن تابعة للبحرية الأميركية تدعى “يو إس إس سيكلوبس” (USS Cyclops)، وفُقد 308 أشخاص من طاقم السفينة والركاب كانوا على متنها بعد مغادرة جزيرة بربادوس. وكانت السفينة محملة بآلاف الأطنان من المنغنيز. والعجيب أن السفينة والركاب لم يُعثر لهم على أثر.
وفي عام 1945، اختفى سرب من 5 قاذفات طوربيد أميركية “فلايت 19” (Flight 19) أثناء تحليقها فوق منطقة مثلث برمودا، وفُقد 14 طيارا ومساعدا كانوا على متنها.
وما زاد الأمر غموضا أن طائرة الإنقاذ “بي بي إم مارينر” (PBM Mariner) -التي أرسلت للبحث عن القاذفات الخمسة وكان على متنها 13 شخصا- اختفت أيضا فوق المثلث. وذكر المحققون التابعون للبحرية الأميركية أن سبب الحادثة “مجهول”.
وبعد هذه الحادثة وحتى الثمانينيات من القرن الـ20 الماضي اختفت 25 طائرة صغيرة أثناء تحليقها في المنطقة، ولم يُنتشل أي حطام لأي طائرة أو سفينة من مثلث برمودا.
مثلث برمودا.. أو مثلث الشيطان
مع أن قصص الاختفاء الغامض في المنطقة تعود إلى منتصف القرن الـ19، إلا أن عبارة “مثلث برمودا” لم تلق رواجا سوى في عام 1964، حين صاغ الكاتب الأميركي “فينسينت غاديس” (Vincent Gaddis) هذه العبارة في مقال بمجلة “أرغوسي” (Argosy)، للإشارة إلى منطقة تتخذ شكل مثلث في المحيط الأطلسي. ومنذ ذلك الحين، طفق الكتّاب ينسجون نظريات مؤامرة لتفسير أفكار غاديس حول نمط اختفاء السفن والطائرات في المنطقة.
وفي عام 1974، أصدر الكاتب الأميركي “ريتشارد واينر” (Richard Winer) كتاب “مثلث الشيطان” (The Devil’s Triangle)، وأصدر الكاتب الأميركي “تشارلز بيرليتز” (Charles Berlitz) كتاب “مثلث برمودا” (The Bermuda Triangle) الذي لاقى رواجا كبيرا، وزعم فيه بيرلتز ضلوع جزيرة “أطلانتس” المفقودة في حوادث اختفاء السفن والطائرات. وأثار هذه التفسير مخيلة أخرين، زعموا أن هذه المدينة الوهمية يستخدم سكانها في قاع المحيط “الطاقات البلورية” لسحب السفن والطائرات إلى القاع.
وبمرور السنين، انتشرت كثير من نظريات المؤامرة لتفسير لغز اختفاء السفن والطائرات، مثل نظرية وجود بوابات زمنية سببها انحراف في نسيج الزمكان ربما تُفتح في هذه البقعة، أو أن هناك كائنات فضائية أقامت قواعدها في قاع المحيط.
في حين زعم “كينيث ماكول” (Kenneth McAll) -الطبيب النفسي والمؤلف في كتابه “مداواة النفوس المعذبة” (Healing the Haunted)- أن منطقة مثلث برمودا تسكنها أرواح الرقيق الأفارقة الذين كان البحارة يلقون بهم في المياه في طريقهم إلى الولايات المتحدة، وأن أصوات الأرواح يمكن سماعها أثناء الإبحار في هذه المياه سيئة السمعة.
تفسيرات علمية لظاهرة مثلث برمودا
وفي المقابل، انتشرت أيضا تفسيرات جيولوجية وعلمية مقبولة لاختفاء الطائرات والسفن في هذه المنطقة، وإن كان سببها ظواهر شديدة الندرة ولا يعرفها إلا قليلون.
وفي عام 2003، أثبت علماء من جامعة “موناش” (Monash) بأستراليا أن فقاعات الميثان الضخمة بإمكانها إغراق السفن. إذ بنى الباحثون نموذجا لسفينة وأطلقوا فقاعات غاز ولاحظوا أن السفينة فقدت توازنها وغرقت في المياه.
وفي عام 2014، خلصت دراسة نشرت في دورية “ساينس إن سيبريا” (Science in Siberia) إلى أن ظاهرة إطلاق هيدرات الميثان قد تفسر اختفاء السفن في المحيط الأطلنطي. وذكر الباحثون أن هناك جيوبا من الغاز -ولا سيما الميثان- أسفل التربة الصقيعية وبعض المحيطات. وعندما يتحول ثلج الميثان في أعماق المحيط إلى غاز يطلق فقاعات ضخمة في الهواء قد تؤثر على المياه.