تركيا الآن
كيف يمكن تحسين صورة اللاجئين في تركيا؟
أوصى مسؤولون حكوميون وباحثون وإعلاميون أتراك بضرورة تحسين الصورة الذهنية لدى الشعب التركي عن اللاجئين عموما، وخصوصا السوريين منهم، محذرين من مغبة استمرار تحريض وسائل إعلام معارضة وعنصريين وتداعيات ذلك على الوضع الداخلي في البلاد من جهة، وعلى حياة اللاجئين من جهة أخرى.
وشدد مشاركون في ندوة نظمتها دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية والجمعية الدولية للإعلام (UMED)، بالعاصمة التركية أنقرة، على محاربة اللغة التمييزية، واتخاذ التدابير ضد خطاب الكراهية نظرا لعواقبه الوخيمة على البلد بأكمله.
خطاب تجميعي
وقال رئيس الاتصال في رئاسة الجمهورية، فخر الدين ألتون، إن تركيا من جهة تدعم الفارين من الحرب، ومن جهة أخرى تواصل العمل لخلق فرصة عودة مشرّفة وآمنة وطوعية لهم.
وبحسب ألتون، عاد قرابة 500 ألف من السوريين بأمان وطوعية إلى المناطق التي قامت السلطات التركية بتأمينها في شمال سوريا، حتى الآن.
وأكد المسؤول التركي أن المهاجرين وطالبي اللجوء ليسوا مصدر المشكلة، بل هم ضحايا، وقال: “تعمل اليوم وسائل الإعلام الشعبوية على تأجيج الكراهية تجاه المهاجرين واللاجئين، وتتسبب للأسف في تصاعد العنصرية وكراهية الأجانب”.
وعبر ألتون عن الحاجة إلى “نهج عادل لتمثيل المهاجرين في وسائل الإعلام باستخدام خطاب تجميعي ونشر قصص ناجحة لحياتهم”.
أكثر من 5 ملايين لاجئ
من جهته، ذكر مدير عام الاتصال في دائرة الهجرة بالرئاسة التركية، غوكتشه أوك، أن بعض السياسيين ووسائل إعلامية يتناولون معلومات غير دقيقة عن اللاجئين، ويعممون حوادث إجرامية فردية على أنها سمة لدى اللاجئين عموما، كما يضفون طابع الكراهية على خطاباتهم.
وأشار أوك إلى ما وصفه بـ”الأخبار الاستفزازية” المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة، وقال: “من الضروري ألا يكون إخوتنا السوريون أداة لأي عمل تحريضي”، لافتا إلى أنه “لا يتمتع أي سوري في الواقع بمعاملة أكثر امتيازا من المواطن التركي، إلا أن بعض العبارات والشائعات تُردّد بالمجان”.
وأضاف “بينما تركيا هي الأكثر تضررًا من تدفق اللاجئين السوريين، فإنها تقف أمام مشكلة لاجئين جديدة مع قدوم نصف مليون أفغاني إليها”.
وحسب موقع دائرة الهجرة، فقد بلغ العدد الإجمالي للذين طلبوا بطاقة الحماية المؤقتة من اللاجئين في تركيا خلال العام الماضي 90 ألفا و318، منهم 38 ألفا و341 أفغانيا.
وذكر الموقع أن عدد السوريين في تركيا بلغ أكثر من 3 ملايين و737 ألفا. وانخفض العدد بمقدار 633 لاجئا في ديسمبر/كانون الأول 2021، مقارنة بالشهر الذي سبقه.
وحسب الموقع، فإن 36% من اللاجئين السوريين الذين قدموا إلى تركيا تم وضعهم في 20 مخيما موزعة على 10 مدن، واستقر 64% منهم خارج المخيمات بمدن مختلفة.
وتستضيف تركيا أكثر من 5 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة، وقبيل نشوب الحرب في سوريا، بلغ عدد العرب في تركيا -بحسب دراسات علمية- ما بين 1.5 مليون إلى مليوني شخص، مما شكّل من 2% إلى 2.7% من العدد العام للمقيمين في البلاد. وارتفعت هذه النسبة حتى 2019 إلى نحو 6%، علما بأن الإحصاء العام لسكان تركيا يبلغ 83.5 مليون نسمة.
وبلغ عدد العراقيين في تركيا المسجلين لدى الأمم المتحدة نحو 127 ألفا، بينهم قرابة 28 ألفا سجلوا بصفة لاجئ، بينما يناهز عدد اليمنيين في تركيا 30 ألفا.
وردا على العبارة الشهيرة التي يرددها معارضون أتراك بشأن اللاجئين السوريين، والتي تقول إن “الجيش التركي يُقتل في سوريا في حين يلهو السوريون في إسطنبول”؛ قال وزير الداخلية التركي في تصريحات صحفية إن “أكثر من 71 ألف مقاتل سوري من المعارضة قُتلوا من أجل الدفاع عن أراضيهم منذ عام 2011”.
محاذير وتوصيات
ويقول رئيس تحرير قناة 7 التركية، عثمان أتشلي، إن “أخبار اللاجئين وخصوصا السوريين تحظى بتغطية مكثفة في وسائل الإعلام، ومع ذلك لم نتمكن من الالتقاء حول قاسم مشترك حول قضيتهم، فبينما تتعامل بعض وسائل الإعلام مع أخبارهم في إطار حقوق الإنسان، فإن البعض الآخر يتعامل معهم بتحيز”.
وقال أتشلي للجزيرة نت “تعمل بعض وسائل الإعلام عن وعي على تصدير قضية المهاجرين على أنها مشكلة بالنسبة لتركيا، كما تؤدي لغة الكراهية التي تصورهم كمجرمين محتملين إلى تسميم المجتمع بالأفكار السلبية”.
وأوصى بضرورة إعداد تقارير وقصص صحفية عن واقع اللاجئين الحقيقي وإسهاماتهم البنّاءة في المجتمع.
أما نائب رئيس مجلس إدارة قناة “آر تورك”، إبراهيم أوسلو، فيعتقد أن خطاب الكراهية المنشور في بعض القنوات قد انعكس بالفعل على المجتمع وتحول إلى أحداث دامية في الشارع.
في حين لفت نائب المدير العام لشبكة قنوات “تي آر تي” الحكومية، حسن أويمز، إلى التأثير الاجتماعي للصحافة وقال “على الصحفي حينما يتعامل مع قضية المهاجرين أن يتحدّث بعناية شديدة خشية أن يثير حديثه الانقسام والاستقطاب والحقد والكراهية في المجتمع الذي يتلقى معلوماته من وسائل الإعلام”.
وشارك في الندوة العديد من الإعلاميين والأكاديميين بأوراق بحثية، من بينهم عضو مجلس إدارة وكالة الأناضول، يوسف أوزكير، ممثل تلفزيون 24 في أنقرة، مليك ييجيتيل، والمؤرخ الكاتب، مراد أوزر، والناشط السوري أحمد حمو.
المصدر : الجزيرة