أخر الأخبار
طريق بري بين الإمارات وتركيا.. مشروع واعد يعيد رسم خريطة التجارة بالمنطقة
ضمن خططها الرامية لتكون مركزاً لوجستياً استراتيجياً على البحر الأبيض، تبرم تركيا اتفاقاً تلو اتفاق لمدّ ممراتها البرية عبر منطقة الشرق الأوسط والقوقاز. آخر هذه المساعي تَمثَّل في الممر البري بين الإمارات وتركيا عبر الأراضي الإيرانية.
في ظل الخلل الذي أصاب سلاسل التوريد العالمية في الفترة الأخيرة بسبب تأثيرات كورونا، وما رافقه من ارتفاع في أسعار حاويات النقل البحرية، تستعد تركيا والإمارات الإثنين لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجالات النقل البري والبحري، من المخطط أن يشمل تفعيل خطّ نقل بري بين البلدين عبر الأراضي الإيرانية، من شأنه إذا جرى أن يقلّص مدة الشحن بين تركيا والإمارات إلى 7 أيام فقط (ثلث المدة الحالية عبر البحر).
يأتي هذا المشروع في ظل تقارب تركي إماراتي متسارع نتج عنه سلسلة اتفاقيات ومشاريع استثمارية مشتركة، كما من المقرر توقيع 12 اتفاقية تشمل مجالات الاستثمار والدفاع والنقل والصحة والزراعة ضمن زيارة رسمية يجريها الرئيس رجب طيب أردوغان الإثنين إلى أبوظبي.
تزامناً مع اتفاقية الممر البري بين تركيا والإمارات، أبرمت أنقرة اتفاقاً لمشروع نقل بري مشابه مع إسلام آباد عبر الأراضي الإيرانية أيضاً، وذلك ضمن مساعي تركيا لتوسعة وتحسين شبكة صادراتها في المنطقة، ولتكون مركزاً لوجستياً على البحر الأبيض المتوسط. ومن شأن هذه المشاريع الواعدة أن لا تقلل تكلفة الصادرات وحسب، بل ستقلل أيضاً مدة الرحلة إلى نحو 6-8 أيام للبضائع القادمة من الإمارات، و10-12 يوماً للبضائع القادمة من باكستان.
تفاصيل المشروع
وبحسب المشروع، ستستفيد تركيا من استخدام ميناء بندر عباس في إيران، حيث ستُنقل الشاحنات الموسومة بنظام النقل البري الدولي (TIR) من الشارقة في الإمارات العربية المتحدة إلى الميناء الإيراني، ومن ثم تبدأ السير براً إلى معبر بازرجان- جوربولاك الحدودي بين إيران وتركيا. الأمر الذي من شأنه أن يختصر مدة الرحلة إلى حوالي أسبوع واحد فقط.
يُذكر أن الأسابيع الماضية كانت شهدت أول رحلة تجريبية لشاحنة بدأت رحلتها من رأس الخيمة قبل أن تتجه إلى الشارقة، ومن هناك نُقلت الشاحنة على متن سفينة لقطع مياه الخليج إلى ميناء بندر عباس على الجهة الإيرانية. وبمجرد وصولها إلى إيران سارت برّاً إلى معبر بازرجان-جوربولاك، ووصلت إلى ميناء الإسكندرون على ساحل البحر الأبيض المتوسط في تركيا بعد أقلّ من أسبوع من مغادرتها رأس الخيمة.
وفور تفعيل هذا المشروع الواعد الذي تعوّل عليه المنطقة بأسرها لتنشيط وتسهيل حركة التجارة، لن يوفّر الممر التجاري متعدد الوسائط الجديد ثلثَي الوقت مقارنة بمدة الطريق البحري التقليدي عبر قناة السويس الذي تستغرق نحو 20 يوماً وحسب، بل سيخفض تكلفة الصادرات والواردات أيضاً، بسبب انخفاض مدة وتكلفة الشحن.
أهمية المشروع
أشار وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو خلال زيارته نهاية العام الماضي للإمارات التي استمرت ليومين، إلى أن جائحة كورونا، أظهرت للجميع أن التعاون ضروري بدلاً من المنافسة، خصوصاً في القضايا التي تتعلق بتنويع الموارد في سلاسل التوريد والتجارة. ولفت الوزير إلى أن البلدين بصدد توقيع اتفاقية بشأن النقل البري، فيما يُنتظر أن يوقع عليها الطرفان خلال زيارة الرئيس أردوغان للإمارات اليوم الإثنين.
Birleşik Arap Emirlikleri Ziyaretimiz.
Visit to the United Arab Emirates. 🇹🇷🇦🇪 pic.twitter.com/WWVGariZrB— Mevlüt Çavuşoğlu (@MevlutCavusoglu) December 15, 2021
إيران من جانبها ترحب بمثل هذه المشاريع، نظراً إلى فوائدها المالية والجيوسياسية، فمن ناحية ستجني طهران الأموال عبر التعريفات الجمركية التي ستفرضها على مرور الشاحنات عبر أراضيها، ومن ناحية أخرى سيكون لإيران مساهمة ملموسة في حركة التجارة البرية في المنطقة، مما سينهي ولو نسبياً عزلة إيران الدولية نتيجة للحظر المفروض عليها منذ سنوات طويلة. ومنذ فترة قريبة أعلنت السطات الإيرانية عن إكمالها طريقها الدولي إلى الحدود التركية.
وفي ظل فتح هذا المشروع الباب واسعاً على مشاريع مشابهة برية وحديدية من تركيا إلى منطقة الخليج عبر العراق أيضاً، سيؤثّر الممر البري الجديد وغيره من الممرات متعددة الوسائط في حركة التجارة عموماً، والبحرية عبر قناة السويس خصوصاً.
حجم التجارة بين تركيا والإمارات
على الرغم من تراجع العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية، فإن العقدين الماضيين شهدا تزايداً في حجم العلاقات التجارية بين تركيا والإمارات، إذ نمت التجارة وازدادت الاستثمارات بشكل لافت، فبينما يبلغ متوسط حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين قرابة 8 مليارات دولار أمريكي، حلّت الإمارات في المرتبة الأولى خليجياً وعربياً من حيث قيمة وتنوع الاستثمارات المباشرة في تركيا.
وحسب بيانات وزارة الخارجية التركية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين قرابة 7.4 مليار دولار أمريكي عام 2019، ونحو 7.6 مليار دولار عام 2018، مسجلاً رقماً قياسياً عام 2017 بعد أن بلغ حجم التجارة قرابة 14.8 مليار دولار أمريكي. ووفق هذه الأرقام فإن الإمارات العربية المتحدة تحلّ في المرتبة 12 بين مستوردي السلع التركية على مستوى العالم، والثانية عربياً بعد العراق، والتاسعة بين المصدّرين إلى السوق التركية عالمياً والأولى عربياً.
وبينما بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الإمارات 3.5 مليار دولار في عام 2019، وصلت قيمة واردات تركيا من الإمارات في العام نفسه إلى 4.33 مليار دولار. وتنوعت الصادرات التركية إلى الإمارات بين الأحجار الكريمة والمعادن والآلات والأجهزة الكهربائية، في حين أن أهم الصادرات الإماراتية إلى تركيا هي الذهب والألمنيوم والمصوغات والنفط والزيوت المعدنية والموادّ الكيماوية والحديد.