دولي
الصين سيطرت على تفشي كورونا، والسؤال: ماذا فعل الفيروس باقتصادها؟
تواصل جائحة كورونا حصد الأرواح حول العالم، وسط محاولات الجميع لاحتوائها، لكن تظل قضية الكساد الاقتصادي عنصراً رئيسياً في الجدال الدائر، وتتجه الأنظار نحو الصين مرة أخرى هذا الأسبوع؛ لمعرفة حجم الانكماش الاقتصادي الذي تسبب فيه الوباء.
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نشرت تقريراً بعنوان: “ما مدى حدة انكماش الاقتصاد الصيني؟”، تناول ما ينتظره خبراء الاقتصاد حول العالم حول مدى التأثير الذي تسبب فيه الفيروس على بلد المنشأ وهي الصين.
على أحرّ من الجمر
في الوقت الذي تتنامى فيه جائحة فيروس كورونا، تحوَّل اهتمام المستثمرين إلى حد كبير، من المؤشرات الرجعية التي تؤكد قسوة التوقف الاقتصادي إلى مُتتبِّعات النشاط المحدَّثة بصفة مستمرة، لكن هذا الأسبوع سيشهد أضخم تحليلات الاقتصاد الصيني، التي من المقرر نشرها الجمعة 17 أبريل/نيسان الجاري، ليحتل مركز الصدارة مرة أخرى.
من المؤكد أن الناتج المحلي الإجمالي للصين قد تقلص في الربع الأول من العام، والسؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هو: ما مدى حدة هذا التقلص؟ وكلما ازداد تحليل يوم الجمعة تشاؤماً، قلّت فرص نجاح اقتصاد بكين في التعافي، وفقاً لنموذج “ شكل حرف V” الذي أكدت للعالم حدوثه.
ملايين فقدوا وظائفهم
وتتوقع تاو وانغ، رئيسة الأبحاث الاقتصادية في بنك UBS، انكماش الاقتصاد بنسبة 10%، وهو ما يشير إلى تأثير مدمر على العمالة.
إذ يقدر بنك UBS أن 50 مليوناً إلى 60 مليون شخص في قطاع الخدمات قد يفقدون وظائفهم، وأن يفقد 20 مليوناً آخرين وظائفهم في قطاعي الصناعة والبناء، لكن تاو أضافت أنه “مع عودة الأنشطة الاقتصادية إلى طبيعتها وبمساعدة السياسات الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، نتوقع أن تنخفض هذه الأرقام بسرعة وبشكل كبير في الأرباع المقبلة”.
ويقدر بنك UBS أن فقدان الوظائف قد ينخفض إلى أقل من 50 مليوناً بنهاية النصف الأول من عام 2020. لكن ثمة تحليلات أخرى للنشاط الاقتصادي لا تبعث على التفاؤل. إذ يُظهر مؤشر النشاط الاقتصادي الصيني لصحيفة The Financial Times تراجعاً بعد بعض الزخم الصعودي الشهر الماضي، حيث ما يزال النشاط منخفضاً بنسبة تقترب من 40%عن مستويات ما قبل تفشي الوباء.
هل تُقوِّي المؤشرات السيئة الدولار؟
سيصبح المزاج المتفائل الغالبُ على الأسواق المالية موضع اختبار بعد غدٍ الثلاثاء 14 أبريل/نيسان، عندما تعلن كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي غيتا جوبيناث أحدث التوقعات الاقتصادية العالمية، في بداية اجتماع الصندوق الذي يستمر يومين.
ويُشار إلى أنه في أوائل مارس/آذار، خصص صندوق النقد الدولي 50 مليار دولار لمساعدة الدول التي أصابها فيروس كورونا، وقد اتخذ هذه الخطوة، لأنه حذَّر من أنَّ تفشي المرض سيجبره على خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي إلى ما دون معدل 2.9%، المسجل في العام الماضي.
ويأتي اجتماع هذا الأسبوع في الوقت الذي استردَّ فيه الدولار الأسترالي والجنيه الإسترليني -اللذين هبطت قيمتهما إلى أدنى مستوياتهما التاريخية مقابل الدولار الأمريكي في مارس/آذار- بعض قيمتهما المفقودة، لكن المحللين منقسمون حول ما إذا كان التراجع في الدولار الأمريكي مؤقتاً أم أنه إشارة إلى أن أسوأ مرحلة في الأزمة قد انقضت.
يعتقد المحللون في شركة Generali Investments أن التأقلم مع فيروس كورونا سيمكّن المستثمرين من إعادة بناء مراكز أخطر، وخفض الطلب على الدولار.
إذ قال توماس هيمبل، المحلل في شركة Generali Investments لإدارة الأصول الأوروبية: “إذا ازدادت الرؤية بشأن التداعيات وضوحاً وخفَّ الإغلاق العالمي تدريجياً، فمن المرجح أن يتراجع الطلب الآمن على الدولار”.
لكن زاك باندل، وهو محلل استراتيجي في مصرف غولدمان ساكس، قال إن حركة الدولار حتى الآن، هذا العام، مشابهة لحركته بين عامي 2008 و2009، وهو ما يشير إلى أن مزيداً من الانخفاضات في أسعار الأسهم سيرفع قيمة العملة الأمريكية مجدداً، وقال: “نتوقع أن يظل الدولار قوياً طالما ظلت الأصول المحفوفة بالمخاطر ضعيفة”.
هل تخفض مزيد من الشركات الأمريكية أرباح الأسهم؟
تواجه الشركات المسجلة في الولايات المتحدة ضغوطاً متجددة للحد من المبالغ التي تنفقها على أرباح الأسهم وإعادة شراء الأسهم، في ظل تراجع النشاط الاقتصادي.
وقال مصرف غولدمان ساكس في مذكرة للعملاء، الأسبوع الماضي، إن 13 شركة في مؤشر S&P 500 قد خفضت بالفعل أرباح أسهمها، مضيفاً أن إجمالي التعويضات قد ينخفض بنسبة 25% دون مستويات 2019. وقال مصرف غولدمان إن عمليات إعادة شراء الأسهم ستصبح أسوأ حالاً، حيث ستنخفض بمقدار النصف لتصبح 371 مليار دولار.
ويرجع جزء من سبب ذلك إلى القيود المفروضة على مدفوعات أرباح الأسهم وإعادة الشراء للشركات التي تتلقى الأموال من حزمة الإنفاق التي قدمتها الحكومة الأمريكية، والبالغة قيمتها 2 تريليون دولار، لدعم الاقتصاد.
وكتب محللو “غولدمان”: “ينص القانون على أنه لا يجوز لأي شركة تقترض أموالاً من الخزانة إعادة شراء الأسهم أو دفع أي أرباح على الأسهم إلا بعد مرور 12 شهراً من سداد القرض”. وشركات الطيران مثل شركات دلتا وإير ألاسكا وشركة بوينغ لصناعة الطائرات، من بين الشركات التي ألغت بالفعل أرباح الأسهم وإعادة شراء الأسهم.
وقد انتعشت عمليات إعادة شراء الأسهم في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى رقم قياسي بلغ 806 مليارات دولار عام 2018، وهي السنة الأولى بعد التخفيضات الضريبية على الشركات التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب.
وأدت شعبية عمليات إعادة الشراء إلى جعل الشركات الأمريكية أكبر كتلة من مشتري الأسهم في السوق، وتراجُع النشاط يلغي ركيزة أساسية لدعم أسعار الأسهم بعد هذه الفترة الأكثر اضطراباً منذ أزمة عام 2008 المالية.
المصدر : عربي بوست