مقالات وتقارير
محسن كارا.. قصة شهرة عالمية بدأت في تركيا ومرت بمصر ولمعت في السعودية (شاهد)
ضجت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قبل أيام باسم الشاب التركي محسن كارا الذي فاز بالمركز الأول في مسابقة الأذان ضمن البرنامج التلفزيوني “عطر الكلام” السعودي، ليلمع نجمه ويحقق شهرة عالمية بعد أن كان مؤذناً في إحدى مناطق جنوب شرقي تركيا.
وفاز المؤذن محسن كارا، الأربعاء الماضي، بمسابقة الأذان ضمن البرنامج التلفزيوني “عطر الكلام” السعودي، متفوقا على مواطنه التركي ألب جان تشليك، الذي حل ثانيا في نفس المسابقة.
وفي حوار له مع الأناضول بإسطنبول، كشف كارا قصة فوزه التي طوى من خلالها سوء حظ رافقه في السنوات السابقة، بحسبه، ليتفرغ مستقبلا لنشر أعذب النغمات عبر صوته الذي منحه الله له، حيث أعلنت نتائج المسابقة في 20 أبريل/نيسان الجاري.
وعرف كارا نفسه في مستهل المقابلة بالقول: “اسمي محسن كارا 32 عاما من ولاية فان (شرق) درست حتى الثانوية في منطقتي أرجيش، وبعدها تلقيت تعاليم في القراءات”.
وأوضح: “في عام 2009 سافرت إلى مصر وتعلمت هناك القراءات والتجويد العربي وتدربت على المقامات الصوتية، عدت بعد عامين، وعملت بعدها في الجوامع، لدي اهتمامات موسيقية وأحب أداء الأناشيد الدينية وخاصة بالعربية والفارسية والتركية والكردية”.
** الموهبة ومرحلة التعليم
وعن مراحل اكتشاف موهبته، قال: “إمام الجامع اكتشف في عامي السابع موهبتي وأن صوتي مناسب لأداء الآذان مستقبلا والتجويد والأناشيد وبعد أن أكمل تعليمنا بما لديه اتصل بمعارفه من أجل تطوير المهارات”.
وأردف: “كل حياتي تقريبا مرت بالتعليم والتدريب لأن عمل أي شيء يحتاج لمستوى معين من المعلومات النظرية وتراكم في التطبيق ومع لقاء الأساتذة وتقليدهم والتعلم معهم يمضي المرء بطريقه”.
وتابع: “كوني من منطقة شرق تركيا ومعرفتي باللغة الكردية فإن مخارج الأحرف أقرب للغة العربية ولا نجد صعوبة، طريقة الأداء بالتجويد في تركيا وفي العالم العربي مختلفة جدا، في بلدنا تكون النغمات في التلاوة عبر الفم، فيما إجراء النغمات في التلاوة العربية من الحنجرة”.
وأكمل: “في مصر تواجدت هناك من أجل محبتي بإجراء عملي بأفضل شكل وكان ذهابي للاستفادة من أبرز المعلمين هناك فضلا عن محبتي للغة العربية والأناشيد الدينية العربية ومتابعة القراء العرب عن قرب”.
“بعد التعلم عندما أذهب إلى أي مكان أجود القرآن وأقرأه حسب الرغبة ممن يريده بالقراءة العربية أو التركية، وكل طريقة تجويد لها طريقة جميلة وكتلة شعبية محبة لها”، هكذا أضاف.
** مشوار المسابقة
وردا على سؤال حول مشوار المسابقة في السعودية، قال: “رأيت على مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2019 إعلانا عن البرنامج (عطر الكلام) بالصدفة تقدمت ولم تكن لي آمال”.
وزاد: “تم التواصل معي وطلبوا مني قراءة جديدة للآذان دون تأثيرات وتجاوزت هذه المرحلة، ثم طُلب مني آذانا بمقام آخر، وبعدها طُلب مني جواز السفر ولم أكن أصدق، ودخل الوباء (كورونا) لاحقا فتوقف كل شيء كما الحظ السيء ومسحت الرسائل وشعرت بأني وقعت ضحية الفيروس”.
وواصل حديثه بالقول: “قبل شهرين تقريبا تم التواصل معنا مجددا بأن البرنامج سيتابع من مكان توقفه، وأن نكون في الرياض فطلبوا الجوازات وذهبنا، لم أتوقع تحصيل مرتبة متقدمة”.
وتابع: “قلت نذهب للعمرة وبالفعل ذهبنا ونافسنا وحصلنا مع زميلي على المركزين الأول والثاني وأشكر الله أن هذا انعكس على شكل عيدين في بلادنا”.
** أجواء المنافسة
وحول أجواء المنافسة أفاد كارا بأن “المسابقة لم تكن سهلة لأنها تضم متسابقين من دول إسلامية عديدة، وقدمت أمام اللجنة بالطريقة الحجازية حيث أعجبت اللجنة بطريقة الأداء بأن تركي يؤدي الأذان على طريقة المسجد النبوي، فسألوني وقلت إني درست في مصر”.
وأضاف: “قالوا لي بأن لبسك وكلامك وشكلك تركي فأعجبنا به وهو أمر جميل، ثم أديت عبر الطريقة التركية وأكملت على الطريقة الحجازية، بدأت مقام رست وتابعت وأديت بمختلف المقامات وأعجبهم الدمج وقالوا إنهم سمعوا ذلك أول مرة وهو فضل من الله”.
وأوضح: “المسابقة كانت أول مرة تنظم لقراءة الأذان في العالم، وكانت مسابقة شارك فيها قرابة 80 دولة بنحو 42 ألف متسابق، وكانت اللجنة مؤلفة من 13 عضوا من بينهم 5 من السعودية”.
ووفق كارا، “كان الاستديو كبير والتحضيرات والتنظيم كبير وهو ما كان يدفعني للحماس وكنت أخاف من هذه الحماسة، ولكن الله ألهمني الصبر وبعد بدء الآذان ووضع اليد على الأذن ينتهي كل شيء، وهو نتيجة لقبول الدعاء الذي دعوته لله”.
وعن المشاركة بمسابقات أخرى، قال: “شاركت في مسابقة تلاوة القرآن الكريم بتركيا، وكنت دائما أجد نفسي قليل الحظ، وتأتيني مخالفات مرورية بتجاوز سرعات بسيط، وعندما تقدمت بالطلب لقناة TRT الحكومية، تم التواصل معي ووصلت للنهائي وحصلت على المرتبة الثانية وقدم الرئيس رجب طيب أردوغان الجوائز لنا”.
** أسرار النجاح
وحول أدائه في المسابقة وأسرار النجاح قال: “الأجواء كانت جدية وتنافسية جميلة، والفائدة من العلوم التي تلقيتها في مصر تجسدت في المسابقة حيث إن هناك اهتمام بمقام البياتي والصبا والرست والحجاز بالطرق العربية”.
وزاد: “أول أذان قرأته كان على طريق الأذان المدني والمكي، فنال استحسان وقبول اللجنة بشكل كبير وهو ما نقلني للمرحلة المقبلة، المسابقة تنظيمها في السعودية ومعرفة العالم وفوزي بها كان أمر جميل”.
وشدد قائلًا: “قلت لزوجتي إن سوء الحظ الذي كنت أعتقد أنه يلازمني انتهى بفضل الله، وحصلت على ردود أفعال كبيرة شعبية ورسمية”.
وعن مشاريعه المستقبلية أفاد: “المرء عندما يصل لمرحلة معينة وخاصة بعد الفوز بالمرتبة الأولى يجب ترك المجال لآخرين، لم أحصل على المرتبة الأولى من قبل، وحصلت وهذه وسيلة للخدمة، ولا أنوي المشاركة في المسابقات إلا كعضو لجنة لتقييم المتقدمين”.
وختم بالقول: “يجب علينا أن نعمم النعم للناس عبر القراءة لهم وتربية الأجيال الجديدة، وأدعو الله أن يفتح لي الأبواب لنشر نعمته التي منحني إياها في خدمته وطريقه، وأعتبر الفوز في السعودية استجابة من الله وسأركز على أعمالي وأرغب بأن أصدر ألبوما للآذان بمقامات مختلفة وتصويرها على شكل وثائقي وتقديمها للناس”.
ويهدف برنامج المسابقات “عطر الكلام” إلى إبراز الأصوات الجميلة في ترتيل وتجويد القرآن الكريم ورفع الأذان.
وتقدر جوائز مسابقة أجمل أذان بواقع مليوني ريال سعودي للمركز الأول، ومليون للمركز الثاني، و500 ألف للمركز الثالث، و250 ألف ريال للمركز الرابع.