Connect with us

مقالات وتقارير

ولكلٍ وجهة هو موليها

Published

on

مقال

وسيبقى الأحرارُ.. أحراراً، وسيظل العبيدُ.. عبيداً، وسيبقى الهَمَلُ.. هَمَلاً.

وسيستمر القطيع التائه الضائع، يتبع أجراس الراعي، لا يلوي على شيء.. ولا يدري إلى أين المسير؟!

وسيبقى المؤمنون الراسخون.. مؤمنين ثابتين، يقفون عند حدود الله، ويُخضعون عواطفهم، ومشاعرهم الجياشة لمراد الله عز وجل، دون زيادة أو نقصان.. ويطبقون أوامر الله تعالى بحذافيرها، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا سطوة جبار عنيد متغطرس.

وسيستمر صيصانُ وأفراخُ المسلمين.. صيصاناً وأفراخاً، يُغلِّبون أهواءهم على مُراد الله.. ويتبعون الهوى، ويُطيعون أحابيل الشيطان.. ويفسرون الدين على حسب مزاجهم.. وعلى حسب تعلقهم، وعبوديتهم لأوثان الوطنية، وأصنام القومية، وآلهة العلمانية، غير عابئين، ولا مبالين بغضب الله وسخطه عليهم، وغير حريصين على أن يكونوا مسلمين ملتزمين بحقيقة الإسلام، وغير مهتمين بالآخرة وأن تكون نهايتهم دخول الجنة.

 

مواصلة التعدي على خصائص الألوهية

 

وسيواصلون التعدي على خصائص الألوهية، فيمنحون وسام الشهادة، لمن أحبوه – ولو كان مشركاً – ويترحمون عليه، ويُدخلونه الجنة – لأنه قاوم الاحتلال، والاستبداد، والطغيان، ولو كان كافراً – ويُدخلون ذاك النار – ولو كان مجاهداً مؤمناً – على حسب هواهم، ومزاجهم، لأن الإعلام الصهيوني والصليبي يسميه إرهابياً.

ولو قلتَ لهذا الفصيل البشري الأخير، مليون أو مليار مرة، أن الترحم لا يجوز إلا على موتى المسلمين فقط – ولو كانوا فاسقين -.

لأن الله تعالى يقول: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) ﴾ التوبة.

وهذا تفسير الطبري في هذه الآية العظيمة، التي تحمل أمراً فصلاً، قطعياً، وحكماً بائناً، باتاً، لا يقبل الطعن، ولا النقض، ولا الاستئناف.

(قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمدٍ ﷺ والذين آمنوا به- “أن يستغفروا”، يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم- “أولي قربى”، ذوي قرابة لهم- “من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم”، يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان، وتبين لهم أنهم من أهل النار، لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله. فإن قالوا: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك؟ فلم يكن استغفارُ إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه. فلما تبين له وعلم أنه لله عدوٌّ، خلاه وتركه، وترك الاستغفار له، وآثر الله وأمرَه عليه، فتبرأ منه حين تبين له أمره).

(وقال بعضهم: نزلت في شأن أبي طالب عم النبي ﷺ، لأن النبي ﷺ أراد أن يستغفر له بعد موته، فنهاه الله عن ذلك.).

ومما يعزز هذا التفسير، ويدعمه، ويقويه، قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ﴾ المائدة 72.

لقالوا لك: بكل جهالةٍ، وعِمايةٍ، وسخريةٍ، واستهزاءٍ، وبلادة، وبلاهة!

أأنت تريد أن تحجز رحمة الله، ومغفرته عن خلقه؟! هذا أفضل من ألف أو مليون مسلم قاعد، ومؤيد للاحتلال.

ولا يدري المساكين أنهم يتخبطون خبط عشواء، ولا يعلمون أن الذي يؤيد الاحتلال، ويطيع الحكام الطغاة، ليس مسلماً. لأن طاعة الحكام في معصية الله هي: عبادة لهم. ومن يفعل ذلك فهو يشرك مع الله آلهة أخرى، وهذا هو الشرك الذي يُخرج صاحبه من ملة الإسلام، كما قال تعالى عن أهل الكتاب ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ (٣١) ﴾ التوبة.

ويقولون: إذا كان الله تعالى قد غفر لبغي من بغايا بني إسرائيل؛ لأنها سقت كلباً، ماءً.. ألا يغفر لشخص مات على قربان الدفاع عن الوطن، ومقاومة الاحتلال؟!

 

تحريم الله مغفرته لمن يُشرك به

 

نعم! إن الله يغفر لمن يشاء، كما يشاء.. ولكنه قدَّرَ، وحكم حكماً قطعياً، بائناً، جازماً، حاسماً، باتاً.. أنه يغفر جميع الذنوب – ولو كانت كزبد البحر – إلا الشرك بالله.

فما يُدري – هؤلاء الجهلة – أن هذه البغي لم تكن مشركة، بل كانت مؤمنة فاسقة؟!

لذلك أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قد غُفر لها، ولو كانت مشركة، لما تجرأ الرسول صلى الله عليه وسلم على التعدي على مقام الله تعالى، الذي حكم، بأنه لا يغفر لمن يشرك به، كما يظهر في الآيات التالية.

ثم ليس كل بني إسرائيل كانوا مشركين ( فيهم المؤمن والكافر ) والحديث لم يبين أنها مشركة أو مؤمنة..

ولكن بالتأكيد! لا يمكن أن يعارض الحديثُ، قولَ الله القاطع، البائن.

﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا (١١٦) ﴾ النساء.

﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٨٠) ﴾ التوبة.

﴿ وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤) ﴾ التوبة.

﴿ وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَا ٰ⁠هِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ﴾ [التوبة ١١٤.

ومع كل هذه الآيات البينات القاطعة الدلالة، فإن هؤلاء الصيصان، سيستمرون يقولون حسب هواهم الذي اتخذوه إلهاً لهم كما يقول الله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا (٤٤) ﴾ الفرقان.

ولو نصحتهم مليون مرة، لن ينتصحوا.. فقد خُتم على قلوبهم، كما قال الله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ البقرة 7.

فلا تأسَ عليهم، ولا تحزنْ.. إ نهم قومٌ يفرقون، وفي غيهم يعمهون.

﴿ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِين﴾ المائدة 26.

﴿ فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦) ﴾ يس.

فو الله الذي لا إله سواه، لو اجتمع الجن والإنس كلهم، في صعيد واحد، ودعوا الله، بالرحمة والمغفرة للمشركين والمشركات، لن يرحمهم ولن يغفر لهم .. لأنه حكم حكماً نهائياً غير قابل للطعن، ولا للنقض، ولا للاستئناف.. أنه لن يغفر للكافرين.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٩١) ﴾ آل عمران.

وكذلك لن يكون كفاحه، ونضاله، ومقاومته للاحتلال أياً كان. سبباً للمغفرة، أو عدم الخلود في النار. ولكن في الوقت نفسه، لن يُضيع الله عمله، سيجزيه عليه في الدنيا كما يشاء. فهو العدل، والعادل، ولن يَتِرَ أحداً، عمله، وقد قرر وحكم، أن الجنة للمؤمنين، والنار للكافرين.

ولو أنفقوا أموالهم كلها على الجمعيات الخيرية، وماتوا على الكفر لن تنفعهم شيئاً.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) ﴾ الأنفال.

ولكن الخاسرين الخسارة الكبرى، هم أفراخ المسلمين الجهلة، الذين يظنون أنهم أرحم بالعبيد من رب العالمين!!! فيتعاطفون معهم، ويتباكون على موتهم، ويترحمون عليهم، وينسون أنهم سيُحشرون مع المشركين والمشركات، حسب الحديث المروي عن الضياء أبو قرصافة ( مَن أَحَبَّ قَوْمًا، حشره اللهُ في زُمْرَتِهِم ).

16/10/1443 17/5/2022

المقال للكاتب : د/ موفق السباعي
مقالات الرأي المنشورة في “تركيا اليوم” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

Continue Reading
Advertisement
Comments

فيسبوك

Advertisement
ماهو موعد الانتخابات الرئاسة المصرية لعام 2024
اخر الاخبارساعتين ago

مصر تعلن إعادة منح تأشيرات لهذه الفئة من السوريين

شروط صارمة جديدة لاستخدام السكوتر الكهربائي في تركيا: تعرف على التفاصيل!
منوعات3 ساعات ago

شروط صارمة جديدة لاستخدام السكوتر الكهربائي في تركيا: تعرف على التفاصيل!

دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة رسميًا... وهذه هي أبرز أوامره المتوقعة
اخر الاخبار3 ساعات ago

دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة رسميًا… وهذه هي أبرز أوامره المتوقعة

تصريحات قوية من وزير العدل: ما هو مصير أكرم إمام أوغلو بعد تهديده للمدعي العام؟
اخر الاخبار4 ساعات ago

تصريحات قوية من وزير العدل: ما هو مصير أكرم إمام أوغلو بعد تهديده للمدعي العام؟

إمام أوغلو في أزمة: تهديدات للمدعي العام وتدخل عاجل من السلطات التركية
اخر الاخبار4 ساعات ago

إمام أوغلو في أزمة: تهديدات للمدعي العام وتدخل عاجل من السلطات التركية

ترامب يبدأ فصلاً جديدًا: التفاصيل الكاملة ليوم تنصيبه الاستثنائي
اخر الاخبار9 ساعات ago

ترامب يبدأ فصلاً جديدًا: التفاصيل الكاملة ليوم تنصيبه الاستثنائي

تحقيق ضد رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ بتهمة "إهانة الرئيس"
اخبار تركيا بالعربي11 ساعة ago

تحقيق ضد رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ بتهمة “إهانة الرئيس”

إقبال غير مسبوق في إسطنبول على قروض الزواج: 3,500 طلب في غضون 48 ساعة!"
تركيا الآن12 ساعة ago

إقبال غير مسبوق في إسطنبول على قروض الزواج: 3,500 طلب في غضون 48 ساعة!”

عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس
مقالات وتقارير12 ساعة ago

الهولندي هوغربيتس يحذر ويتنبأ بالأماكن الأكثر عرضة لزلازل قوية في الشرق الأوسط قريبا

فاجعة في دمشق تسبب بها صاحب مطاعم
سوريا اليوم13 ساعة ago

قرار مفاجئ من الحكومة السورية: حظر دخول البضائع من هذه الدول!

الممثلة توبا بويوكستون تُذهل جمهورها بتحدثها باللغة العربية في مهرجان جوو أرورد السعودي!
منوعاتيوم واحد ago

الممثلة توبا بويوكستون تُذهل جمهورها بتحدثها باللغة العربية في مهرجان جوو أرورد السعودي!

فيديو مدرسة كابيتال التجمع الخامس.. يثير موجة من الجدل والغضب فما القصة!
عربييوم واحد ago

فيديو مدرسة كابيتال التجمع الخامس.. يثير موجة من الجدل والغضب فما القصة!

الأطعمة المغشوشة تثير القلق في تركيا: 30 منتجًا جديدًا في القائمة السوداء!
الاقتصاد التركييومين ago

الأطعمة المغشوشة تثير القلق في تركيا: 30 منتجًا جديدًا في القائمة السوداء!

إن بي سي: إدارة ترامب تدرس نقل جزء من سكان غزة لهذه الدولة
اخر الاخباريوم واحد ago

إن بي سي: إدارة ترامب تدرس نقل جزء من سكان غزة لهذه الدولة

كاميرا توثق بالصوت والصورة لحظة اصطدام نيزك بالأرض (فيديو)
منوعاتيوم واحد ago

كاميرا توثق بالصوت والصورة لحظة اصطدام نيزك بالأرض (فيديو)

أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية
الاقتصاد التركييومين ago

أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية

الثامنة ونصف بتوقيت غزة.. اتفاق وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ
اخر الاخباريومين ago

الثامنة ونصف بتوقيت غزة.. اتفاق وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ

ابنة حسن نصر الله تحسم الجدل وترد على أنباء بقاء والدها على قيد الحياة (فيديو)
عربي15 ساعة ago

ابنة حسن نصر الله تحسم الجدل وترد على أنباء بقاء والدها على قيد الحياة (فيديو)

تحذير كارثي: زلزال مدمّر يهدد هذه المدينة التركية في أي وقت!
تركيا الآنيومين ago

تحذير كارثي: زلزال مدمّر يهدد هذه المدينة التركية في أي وقت!

لا يوجد موظف للعمل براتب 60 ألف ليرة تركية! هناك نقص كبير في العاملين في هذه المهن
الاقتصاد التركي13 ساعة ago

لا يوجد موظف للعمل براتب 60 ألف ليرة تركية! هناك نقص كبير في العاملين في هذه المهن