أخر الأخبار
“جنون عقاري”.. هل تواجه تركيا أزمة سكن؟ (شاهد)
تشهد تركيا ارتفاعا غير مسبوق في قيمة إيجارات وبيع المنازل السكنية، منذ بداية العام الحالي، وصلت في بعض أحياء ولاية إسطنبول (باشاك شهير – كايا شهير)، إلى نسبة 500 بالمئة، فيما تجاوز معدل الارتفاع العام في المدينة خلال الأشهر التسعة الماضية الـ 150 بالمئة، وفق مسح أجرته “عربي21”.
ووصل التضخم في سوق العقارات التركية إلى مستويات قياسية، في ظل موجة غلاء فاحشة تجتاح البلاد بالتزامن مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث سجل التضخم السنوي في تركيا ارتفاعا ليصل إلى 83.45 بالمئة في أيلول/سبتمبر، وهو أعلى مستوى له منذ 24 عاما، بحسب معهد الإحصاء التركي.
“ارتفاع جنوني”
ووفق ما رصدته “عربي21″، شهد سوق العقارات في تركيا طفرة سعرية منذ قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أيلول/سبتمبر 2018، بخفض قيمة الحصول على الجنسية الاستثنائية عبر شراء عقار من مليون دولار إلى 250 ألف دولار.
وأظهر مسح أجرته “عربي21″، أن متوسط نسبة زيادة أسعار العقارات السكنية في أكبر سبع ولايات في تركيا من حيث عدد السكان تجاوز 410 بالمئة خلال الأربع سنوات الماضية، وفقا لبيانات موقع “إندكسا” المتخصص في تتبع أسعار العقارات والإيجارات في تركيا.
وبحسب بيانات “إندكسا”، تصدرت إسطنبول قائمة المدن التركية من حيث زيادة سعر متر العقار السكني حيث بلغ 20208 ليرة للمتر الواحد، تلتها ولاية إزمير بسعر 15362 ليرة للمتر ثم بورصة بسعر 10625 ليرة للمتر، ثم ولاية أضنا بسعر 9765 ليرة للمتر، ثم ولاية غازي عنتاب. في حين جاءت ولاية أنقرة (العاصمة) في المركز السادس بسعر 9047 ليرة للمتر تلتها قونيا بسعر 7863 ليرة للمتر.
ويختلف ترتيب الولايات من حيث نسبة الزيادة في الأسعار فجاءت ولاية أضنا في المركز الأول بنسبة 471.7 بالمئة، تلتها غازي عنتاب بنسبة 445.3 بالمئة، ثم قونيا بنسبة 437.8 بالمئة، ثم إزمير بنسبة 402.3 بالمئة، بينما جاءت إسطنبول في المركز الخامس من حيث نسبة الزيادة التي بلغت 387.6 بالمئة، تلتها بورصة بنسبة 370.5 بالمئة، ثم أنقرة (العاصمة) في المركز السابع بنسبة 360.4 بالمئة.
وعلى صعيد أسعار الإيجار السكني، جاءت ولاية قونيا في مقدمة الولايات من حيث ارتفاع أسعار إيجار السكن وذلك بنسبة 341 بالمئة، تلتها إسطنبول بنسبة 335.3 بالمئة، وإزمير بنسبة 335 بالمئة، في حين جاءت أنقرة في المركز الرابع من حيث زيادة أسعار الإيجار السكني بنسبة بلغت 334 بالمئة، تلتها أضنا بنسبة 292 بالمئة، ثم غازي عنتاب بنسبة 287.2 بالمئة، في حين جاءت ولاية بورصة في المركز السابع بنسبة بلغت 230 بالمئة.
أسباب جنون الأسعار
وقال الخبير التركي في الاستثمار الدولي عبد الله أداك، في مقابلة مع “عربي21″، إن نسبة زيادة أسعار العقارات في تركيا حطمت الأرقام القياسية خلال فترة ما بعد جائحة كورونا، إذ تراوحت بين 100 إلى 300 بالمئة حسب المنطقة والمدينة.
وأوضح أداك، أن الزيادة في أسعار العقارات بتركيا تجاوزت للمرة الأولى قيمة الزيادة في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، مرجعا ذلك إلى الارتفاعات القياسية لتكالیف مواد البناء وأیضا محدودیة الأراضي المرخصة رسمیا للبناء، والأھم من ذلك، حقیقة أن أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرین أصبحوا یركزون على شراء العقارات السكنیة خصوصا بعد انخفاض قیمة اللیرة التركیة.
وأضاف: “الاستثمار في المجال العقاري بعد جائحة كورونا أصبح وسیلة استثمار نشطة وجادة بالمقارنة مع الاستثمارات الأخرى كسوق الأوراق المالیة والفوائد المصرفیة والذھب وخلافه”، مشيرا إلى أن الطلب المتنامي على العقارات مقابل محدودية الطلب ساهم كذلك في ارتفاع الأسعار.
واستبعد الخبير التركي أن يكون الأجانب هم سبب الطفرات السعرية بالقطاع العقاري خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أن نسبة 48 بالمئة من الأتراك لا يملكون مسكنا ويقيمون في مناز بالإيجار، مقابل نحو 52 بالمئة فقط يمتلكون عقارا، وهو ما يساهم بشكل كبير في زيادة الطلب على الإيجار السكني بالبلد، وتفاقم هذا الطلب مع زيادة توافد الأجانب للبلاد، وهو ما ساهم بطبيعة الحال في الزيادات الجنونية للأسعار.
وأشار أداك، إلى أن الحكومة التركیة سعيا منها للحد من هذه الزيادات الجنونية فرضت مؤخرا حدا أقصى لنسب الزیادة في إيجار المنازل بحیث لا تتجاوز 25 بالمئة من قیمة الإیجار، وذلك خلال الفترة من 1 تموز/یولیو 2022 وحتى 1 تموز/یولیو 2023.
المصدر / عربي 21- وكالات