أخبار السوريين في تركيا
سوريون في تركيا مخيّرون بين زوجاتهم والجنسية
“كيف أختار بين زوجتي والجنسية”؟ قد تبدو العبارة غريبة لدى سماعها على اعتبار أنه لا يوجد رابط مباشر بين الموضوعين، لكن شريحة من السوريين الموجودين في تركيا وترشحوا لجنسيتها ومتزوجون من أكثر من امرأة واحدة يواجهون هذا الخيار بالفعل.
تمنح تركيا جنسيتها الاستثنائية للسوريين منذ سنوات، وتشكل هذه الجنسية منفذاً للخلاص من تعقيدات الجنسية السورية ومنح شعور بالاستقرار لحاملها وبناء مستقبل مختلف.
إلا أن القانون التركي يمنع الزواج بأكثر من امرأة واحدة، وبالتالي على من يُرشح للحصول على الجنسية التركية الاختيار إما الحصول عليها وطلاق إحدى زوجتيه، أو البقاء دون جنسية والتفكير في حلّ آخر، في حين يزداد الأمر تعقيداً في حال كان للرجل أطفال من كلا الزوجتين، وهو ما يؤدي إلى العديد من المشكلات داخل العائلة نفسها.
اختار زوجها الجنسية التركية ورفضت العودة إليه
سميّة (24 عاماً) وهو اسم مستعار لصبية سورية مقيمة في تركيا، قالت لموقع تلفزيون سوريا إن إدارة الهجرة التركية أرسلت رسالةً نصيّة لطليقها تطلب منه مراجعتهم وتبين لاحقاً أن الأمر يتعلق بالحصول على الجنسية التركية.
وتابعت سمية “اكتشفنا لاحقاً أن على طليقي الاختيار بيني وبين زوجته الأولى لإتمام المعاملة، وبعد نقاشات طويلة عرض عليّ زوجي أن نجري معاملة الطلاق في سوريا ونقوم بالزواج مجدداً عبر كتاب الشيخ لكنني رفضت”.
لم يكن خيار سمية سهلاً بطبيعة الحال لكن رفضها جاء كذلك بسبب عدم حصول أولادها على الجنسية بكل الأحوال وبغض النظر حصلت على الطلاق أم لم تحصل، وفق ما قالته لموقع تلفزيون سوريا.
من جهته قال محمد (43 عاماً) لموقع تلفزيون سوريا إنه اختار تطليق زوجته الأولى وفضّل البقاء مع زوجته الثانية بسبب الخلافات بينه وبين زوجته الأولى.
وأوضح محمد أن الدافع لطلاقه من زوجته الأولى لم يكن سوى “أن الخلافات ما بينهما أصبحت كبيرة جداً بكل الأحوال والطلاق هو الحل الأخير، ومن جهة أخرى فلا أولاد لديه منها بعكس زوجته الثانية ولن يحرم أطفاله من الجنسية التركية”.
وكانت صحيفة “جمهورييت” التركية، أشارت في تقرير نشرته في 22 من كانون الثاني الحالي إلى تأييد محكمة النقض التركية قرار المحكمة بإلغاء الزواج الثاني لمواطن سوري حصل على الجنسية التركية وذلك وفق المادة 1/145 من القانون المدني التركي.
من جهته قال المحامي أسامة عبد الرحمن لموقع تلفزيون سوريا إنه “لدى التقديم على الجنسية التركية فيجب على المتقدم طلاق إحدى الزوجتين”، مشيراً إلى أن المحاكم التركية بدأت في الآونة الأخيرة تجيير دعاوى قانونية على الأشخاص الذين تنطبق عليهم هذه الحالات لإجباره على الطلاق أو عدم الحصول على الجنسية على اعتبار أن القانون التركي يمنع تعدد الزوجات”.
وأكد عبد الرحمن أنه “يجب في حال كان الزواج تمّ في سوريا، الحصول على ورقة تثبت الطلاق وترجمتها وتقديمها للمحكمة”.
وحول أسباب تجيير المحاكم التركية لهذه الدعاوى أوضح عبد الرحمن أن السبب يعود “إلى عدم رغبة تركيا بترسيخ تعدد الزواج كعرف في المجتمع التركي، حتى لو كان قانون البلد الأصلي للمتقدم للجنسية يسمح بهذا الأمر”.
وأشار عبد الرحمن لموقع تلفزيون سوريا “إلى لجوء العديد من السوريين لتثبيت عملية الطلاق في سوريا للحصول على الجنسية التركية، خاصةً مع غياب أي حل قانوني لهذا الأمر”.
وعادة ما تطلب دائرة الهجرة أوراقاً رسمية صادرة من سوريا في حال لم تتم معاملة الزواج في تركيا، ويجب إحضار دفتر العائلة وجواز السفر، بالإضافة إلى ورقة لا حكم عليه من تركيا (يمكن استخراجها من تطبيق الحكومة الإلكترونية E-devlet))
حلول قانونية غير مضمونة لتجنيس الأطفال
يُضاف إلى المشكلات التي تواجهها الأسرة من تشتت وغياب حقوق الزوجة في حال العودة “بكتاب شيخ”، عدم حصول أطفالها على الجنسية إلا بصعوبة بالغة، إذ يوجد حل واحد لحصولهم على الجنسية التركية أسوةً بأشقائهم .
وأوضح المحامي أسامة عبد الرحمن أنه “وبعد إتمام إجراءات الطلاق ثم الحصول على الجنسية التركية، يمكن التقدم بطلب لمنح الجنسية لأولاده إلى دائرة النفوس”.
وأضاف “في حال لم يقبل طلبه يمكن التوجه إلى المحكمة ورفع دعاوى قانونية بهذا الصدد ثم يصدر القاضي المختص حكمه النهائي في القضية”.
وأكد عبد الرحمن لموقع تلفزيون سوريا “أنه بكل الأحوال وفي هذا النوع من القضايا تحديداً لا شيء مضمون، لكنه الحلّ الوحيد المتاح حالياً”.
الاختيار بين زوجتين يؤثر على الأسرة
لتفادي الطلاق بشكل نهائي لجأ سوريون وكحل إسعافي لتثبيت طلاقهم بالفعل ثم إعادة الزواج مرة أخرى عبر كتب الكتاب بشكل شرعي (كتاب شيخ) إلا أن هذا الأمر قد يزيد من معاناة الزوجة الثانية، وذلك بسبب عدم اعتراف الحكومة التركية على هذا النوع من الزواج، وبالتالي تخسر المرأة جميع حقوقها المادية والمعنوية في حال تكرار الطلاق مرةً أخرى، لتُضاف هذه النقطة إلى أصل المشكلة التي تسبب بدورها العديد من المشكلات الاجتماعية.
وقال الباحث الاجتماعي حسام السعد لموقع تلفزيون سوريا إن عملية الاختيار بين زوجتين لأجل الجنسية تؤدي إلى “خلل عائلي مباشر”.
وأضاف “التأثير سيكون على العلاقات والنسيج الاجتماعي، فبمجرد فرض الاختيار على الإنسان ستكون هناك مشكلات عن أسباب اختيار هذه الزوجة على غيرها، عدا المشكلات الإدارية لدى العائلة المطلقة وأولادها والتي ستحرم من بعض الحقوق في وقت لاحق. وقد تؤدي هذه المشكلات إلى مشكلات أخرى كالتسرب من التعليم وعمالة الأطفال وغيرها”.
وتابع “كل هذا سيؤدي إلى مشكلات أسرية ومتاهات قانونية فضلا عن تأثر العلاقة بين الأب وأولاده”.
ويعيش في تركيا وفقاً لإدارة الهجرة التركية ثلاثة ملايين و762 ألفاً و686 سورياً بحسب الإحصائية الأخيرة المنشورة في أيار من عام 2022، يعيش أكثر من 500 ألف شخص منهم في إسطنبول، فيما أكد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في شباط من العام الماضي 2022 أن عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية تجاوز 193 ألف سوري مع ولادة 700 ألف طفل سوري على الأراضي التركية.