تركيا الآن
مخاوف من تكراره بدرجة أخطر.. هكذا توقع خبراء زلزال جنوب تركيا
رغم الآثار المدمرة التي أحدثها الزلزال الذي ضرب مدن جنوب وسط تركيا وشمال سوريا، لكنه كان متوقعا وفقا للعديد من المختصين، في حين يتخوف علماء وخبراء من وقوع زلازل أخرى بنفس الشدة وبقوة تدميرية عالية، داعين إلى أخذ الحذر في المناطق عالية الكثافة السكانية والسيطرة على السدود.
بلغت قوة الزلزال فجر اليوم الاثنين 7.8 درجات على مقياس ريختر، وتبعته عشرات الهزات الارتدادية وصل بعضها إلى قوة 6.7 درجات، مسببة المزيد من الدمار ومخلفة المزيد من القتلى والمصابين.
وحذرت وكالة الطوارئ والكوارث الحكومية “آفاد” من المزيد من الهزات الارتدادية التي قد يرقى بعضها إلى قوة زلازل بشدة تتراوح بين 6.5 و6.7 درجات على مقياس ريختر.
ووصف خبراء الزلزال بأنه الأكبر في تاريخ تركيا منذ زلزال عام 1999 المدمر، الذي ألحق أضرارا كبيرة بمدينة إسطنبول وولاية “كوجالي” التي احتضنت مركز الزلزال.
زلزال متوقع
ورغم فداحة الخسائر التي تسبب بها الزلزال الأخير جنوب تركيا، فإنه لم يكن مفاجئا بالنسبة للعديد من الجيولوجيين الأتراك وخبراء الزلازل، الذين لم يفتؤوا يحذرون خلال السنوات القليلة الماضية من زلازل مدمرة، وإن كانت معظم التحذيرات تتجه إلى مدينة إسطنبول، بسبب الكثافة السكانية العالية فيها، والتي تجعل أي زلزال كبير فيها يهدد أرواح الملايين.
وصدرت بعض التحذيرات المماثلة خلال الأيام الماضية من احتمالية حدوث زلزال في المنطقة التي شهدت زلزال “كهرمان مرعش” تحديدا.
وكان مركز “إس إس جي إي أو إس” (SSGEOS) المختص بالتنبؤ بالزلازل، قد حذر في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي من احتمالية حدوث نشاط زلزالي قوي في تلك المنطقة، وأعاد الكثيرون مشاركة تلك التغريدات بعد وقوع الزلزال.
ويخترق تركيا صدعان رئيسيان، الأول هو صدع شمال الأناضول ويمتد من أطراف بحيرة “وان” في أقصى الشرق إلى إسطنبول غربا. في حين ينطلق الثاني من نقطة الالتقاء مع صدع شمال الأناضول شرقا ويمتد جنوب شرق عبر ولايات “بينغول وإلازيغ وكهرمان مرعش” وصولا إلى “هاتاي”.
تحذيرات سابقة
من جهته، ذكر البروفيسور المختص بعلم الزلازل في تركيا ناجي غورور في مقابلات تلفزيونية، أنه حذر مرارا في السابق من احتمال وقوع زلازل شديدة على طول الصدع الزلزالي المسمى “فالق جنوب الأناضول”.
وقال غورور إن صدع شمالي الأناضول شهد في السنوات الأخيرة عدة زلازل متوسطة الشدة وكان عدد منها في محيط إسطنبول، وهو ما يجعل احتمال وقوع زلزال شديد على امتداد هذا الصدع أقل.
أما المناطق الواقعة على أطراف صدع جنوب الأناضول، فهي معرضة بشدة -وفق غورور- لزلازل مدمرة “بسبب تراكم الطاقة الكامنة بين الطبقات التكتونية التي تلتقي عند الصدع الزلزالي”.
ولفت إلى أن مجموعة باحثين في جامعة إسطنبول التقنية حذروا -في دراسة نشرت لهم مؤخرا- من أن منطقة صدع “ملاطية” المتفرع عن الصدع الرئيسي لجنوب الأناضول، لم تشهد زلازل ذات شدة عالية منذ نحو 1500 عام، ما يعني أنها معرضة لزلازل من هذا النوع.
وقال العالم التركي إن منطقة كهرمان مرعش وجوارها وكذلك المنطقة الواقعة بين ولاية “إلازيغ” وخاصة منطقة “سيفيرجه” وولاية “أديمان” هي منطقة شهدت زلازل عنيفة تاريخيا وبوتيرة متكررة.
وأضاف “نتيجة انقضاء مدة طويلة على آخر موجة من الزلازل، ولكونها أصبحت معرضة بشكل جدي وخطير لمثل هذه الزلازل فإنني طالبت بأخذ الحذر ومضاعفة متانة الأبنية في المناطق الحضرية في هذه المناطق”.
وحذر البروفيسور غورور، في حسابه على تويتر، من أنه بعد زلزال “كهرمان مرعش” فإن على سكان “أضنة وهاتاي” -الواقعتين إلى الغرب منها قليلا- أن يأخذوا حذرهم، مطالبا المسؤولين المحليين بأن يبقوا متيقظين.
كما أطلق نداء للمسؤولين الأتراك بالعمل على السيطرة والتحكم بالسدود الموجودة في المنطقة.
أضنة وهاتاي
من جهته، أكد البروفيسور أوفغون أحمد إرجان أستاذ الجيوفيزياء التركي، أن “أضنة وهاتاي” باتتا معرضتين أكثر من السابق لزلازل مشابهة.
وقال إرجان في حسابه على تويتر “تحول تركيز الزلزال القادم إلى الجنوب، ودخلت (مدن) عثمانية وأضنة وهاتاي في مناطق عالية التردد. يمكن توقع الزلازل المعتدلة هنا”.
لكنه نوه في الوقت نفسه إلى أن “الوقت مبكر جدا لتوقع حدوث زلزال كبير” في هذه المناطق.
وتكمن خطورة الزلازل بتلك المنطقة في أنها تعج بالسكان. وكتب المختص بالزلازل ستيفن هيكس في تغريدة له “وقع الزلزال بالقرب من الحدود السورية، في منطقة تتمتع بكثافة سكانية عالية، ولذلك حتى قبل أن نحصل على معلومات، فأنت تعلم أنها لن تكون جيدة”.
وأكد هيكس أنه وفقا للأخبار والصور المبدئية، فمن الواضح أن الزلزال سيسجل كواحد من أكبر الزلازل التي حدثت في منطقة سكنية في تاريخ الكرة الأرضية.
وتسبب الزلزال بتدمير عدد كبير من المنازل والطرق في تركيا وسوريا وخلّف مئات القتلى والجرحى حتى الآن، وما زالت عمليات البحث وإخراج العالقين تحت الأنقاض جارية.