صحة
قد يظل شعور الزلزال يلازمك لفترة أطول مما تتخيل.. “متلازمة دوار ما بعد الزلزال” وطرق التخلص منها
تعد الزلازل واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان خلال حياته، فعدا عن أنها تدمر المُدن وتتسبب بوفاة البشر، فإنها أيضاً تصبح بمثابة شبح يلاحق الناجين منها، من خلال ما يدعى “متلازمة دوار ما بعد الزلزال (PEDS)”.
ما هي متلازمة دوار ما بعد الزلزال؟
بعد حدوث زلزال تركيا وسوريا، كان هناك الكثير من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي والذين يعيشون بالقرب من مركز الزلزال، يقولون إنهم شعروا بالدوخة كما لو أنهم كانوا يتأرجحون في وقت لم تكن فيه توابع الزلزال تحدث بالفعل، وهو ما تفسره متلازمة دوار ما بعد الزلزال.
في دراسة يابانية أجراها علماء يابانيون ونُشرت نتائجها في عام 2021 في مجلة PLOS One للعلوم والأبحاث، درست “متلازمة الدوار بعد الزلزال” وذلك بعد زلزال عنيف حدث في كوماموتو اليابانية عام 2016.
ووجدت الدراسة أنّ التأثيرات المرتبطة بالزلازل تؤثر بشكل كبير على أعراض الأذن الداخلية والوظيفة اللاإرادية والعوامل النفسية، وقد يتأثر عدم التوازن الناجم عن الزلازل بالضغوط الجسدية، بما في ذلك الاضطرابات الحسية الناجمة عن اهتزازات الزلزال، والتغيرات في الظروف المعيشية، والإجهاد اللاإرادي.
الطبيب ياسويوكي نومورا، الأستاذ المتخصص في طب الأذن والأنف والحنجرة في كلية الطب بجامعة نيهون في طوكيو، أكد أنّ الدماغ البشري يُعالج المعلومات القادمة من الجلد والعضلات والعينين والأذنين من أجل الحفاظ على الشعور بالتوازن.
وأضاف: “عندما يحدث الرعاش القوي في الجسم الذي تتسبب به الزلازل، يتعارض مع الأداء الطبيعي، ويسبب خللاً قد يكون له تأثير طويل بعد انتهاء الزلزال”.
وتابع: “في بعض الحالات قد يسبب التوتر والقلق من خلال تذكر الزلزال، مما يؤدي بالناجين إلى الاعتقاد خطأ أنهم يتعرضون لزلزال لكنهم في الحقيقة في مكان لا يحدث فيه أي هزة، هذه هي متلازمة الدوار بعد الزلزال PEDS والتي تحدث عندما يكون هناك “عدم تطابق” عصبي بين آلية التوازن في الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية والإشارات الحسية من الأعصاب في العينين والقدمين”.
بعد زلزال وتسونامي توهوكو الذي حدث في عام 2011، قام الطبيب الياباني نومورا بدراسة حوالي 3000 مريض خضعوا للعلاج في المؤسسات الطبية في منطقة العاصمة طوكيو ومحافظة فوكوشيما بين مارس/آذار ومايو/أيار 2011.
ووجدت الدراسة وفقاً لما نقله موقع The Japan Times فقد عانى حوالي 80% إلى 90% من البالغين و50% إلى 70% من الأطفال من نوبات مفاجئة من الدوار.
في كثير من هذه الحالات، حدثت الدوخة عندما كانوا في الداخل أو جالسين أو في حالة الراحة.
وأضافت الدراسة أنّ احتمالية حدوث الدوخة تقل إذا كانوا بالخارج في العراء وليس في مكان مغلق بالداخل.
وقال نومورا: “ممارسة الرياضة (في الهواء الطلق) ستساعد في تخفيف القلق المرتبط بذاكرة الرعاش في الدماغ”.
أعراض متلازمة دوار ما بعد الزلزال
على الرغم من أن العديد من التقارير قد وصفت دوار ما بعد الزلزال، فإن أعراضه المميزة لاتزال غير محددة، وتختلف من شخص لآخر.
وتتراوح هذه الأعراض وفقاً للمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية الأمريكي NCBI:
- تأرجح وهمي في الجسم (يستمر أقل من دقيقة واحدة ولعدة مرات بعد الزلزال).
- الشعور القدمين وكأنهما يتأرجحان في الهواء.
- اضطرابات النوم.
- طنين الأذن/ امتلاء الأذن.
- القلق.
- التعرق.
- مشاكل في المسالك البولية.
- مشاكل في الرؤية.
- الحمى.
- القيء.
علاج متلازمة دوار ما بعد الزلزال
وفقاً للطبيب مونيتاكا أوشيو من قسم طب الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى جامعة طوكيو (متخصص في الأذنين والأنف والحنجرة) قال: “ما يقدر بنحو 30% من السكان في المناطق المنكوبة بالزلزال قد يعانون من متلازمة دوار ما بعد الزلزال”.
وأضاف وفقاً لما ذكره لصحيفة The Wall Street الأمريكية، فإنّ يمكن تخفيف المشكلة في كثير من الأحيان من خلال ما يلي:
- تدريب عين الشخص من خلال جعلها تركز على شيء بعيد.
- وضع أو احتساء السوائل الباردة أو الساخنة.
- وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يُنصح المرضى باستخدام مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، والتي تُعرف أيضاً باسم حبوب دوار الحركة.
وقد تحدث الحالات الأكثر خطورة عن طريق أحد أشكال اضطراب ما بعد الصدمة بعد زلزال كبير وقد تستمر لأسابيع أو شهور.
ولمواجهة ذلك، يمكن وصف شكل من الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب للمرضى، كما قال الدكتور أوشيو.
وأضاف أن أولئك الذين يجب أن يلتمسوا المشورة الطبية الفورية يشملون الأشخاص الذين يعانون من أعراض مثل السقوط بسبب الدوار والحمى والقيء.