منوعات
في تركيا.. هكذا تجعل من ملابسك الفائضة مصدر سعادة للفقراء
في تركيا يوجد الحل الأمثل للتعامل مع هذه المعضلة من خلال نقاط تجميع تنتشر في معظم المناطق بأغلب المحافظات التركية، توضع الملابس بها لتتولى البلديات والجمعيات الخيرية المختلفة جمعها وغسلها وكيها وفرزها لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والمتضررين من الحروب والكوارث داخل تركيا وخارجها، وتتحول بهذه الطريقة ملابسك الفائضة عن حاجتك إلى مصدر للسعادة ووسيلة لمساعدة المحتاجين.
وتدعم الحكومة التركية هذه المشاريع من منطلقات أخرى أيضاً، ففي إطار الحملة الوطنية لحماية البيئة وتقليل المخلفات التي تضر بها ولا تتحلل بسرعة، تعتبر مشاريع تجميع الملابس القديمة وسيلة لحماية البيئة من آلاف الأطنان ستتحول إلى مخلفات عبر إدخالها عمليات إعادة التدوير والتصنيع وتوفير مبالغ هائلة سنوياً تتحول إلى رافد مهم لاقتصاد البلاد.
حصالة الملابس
يطلق عليها “حصالة الملابس” أو “كونتينر جمع الملابس” وتكتب عليها شعارات مختلفة أبرزها “ما لا تستخدمه قد يكون حلماً لآخرين”. وهي نقاط تجميع أشبه بالصرافات الآلية التابعة للبنوك المختلفة تدخل الملابس فيها بطريقة سهلة وعند امتلائها تجمعها الجهات المشرفةعلى المشروع وتنقلها إلى المراكز المتخصصة، لتبدأ هناك عملية طويلة من الفرز والغسيل والكي والتنظيم قبل أن تصبح جاهزة للتوزيع عبر آليات مختلفة.
وباختلاف الجهات القائمة على هذه المبادرات تختلف الأنواع التي تستقبلها كل حاوية، فتعتبر الملابس العنصر الأساسي بهذه المشاريع التي قد يحتوي بعضها مزايا أوسع باستقبال الأحذية والشنط وحتى ألعاب الأطفال وغيرها من الأشياء القابلة للتوزيع على الفقراء، كما توفر بعض البلديات والجهات القائمة على هذه المبادرات إمكانية الاتصال بها لترسل فرقها المختصة لنقل الملابس في حال كانت كميتها كبيرة.
وتشرف على هذه المبادرات بالدرجة الأساسية بلديات تركيا، كما تتصدر جمعية الهلال الأحمر التركي هذه المشاريع إلى جانب جمعيات خيرية توزع هذه الملابس على المحتاجين ومتضرري الكوارث والحروب داخل البلاد وخارجها. وتنشر هذه الجهات على مواقعها خرائط وجداول توضح أماكن نقاط تجميع الملابس الفائضة ليسهل وصول المواطنين إليها.
ومع اختلاف الجهات القائمة على هذه المشاريع توجد صعوبة في وجود إحصائيات دقيقة حول عدد النقاط المنتشرة في تركيا، لكن وبشكل عام توجد آلاف الحاويات المخصصة لجمع الملابس القديمة التي تجمع من خلالها آلاف الأطنان من الملابس والأحذية والشنط وغيرها.
كيف يجري ذلك؟
عقب تجميع محتويات النقاط الفرعية الصغيرة المخصصة لجمع ملابس المواطنين الفائضة، تنقلها الجهات القائمة على هذه المشاريع إلى مراكز التجميع المخصصة التي تكون مراكز تابعة للبلديات أو شركات خاصة تعمل لصالح هذه الجهات بتلك المهمة.
في المرحلة الأولى تُفرز لإزالة أي محتويات أخرى غير التي تدخل في إطار الأصناف المحددة للجمع، وفي المرحلة الثانية تفرز لتصنيفها من حيث الشنط والقبعات والأحذية، كما تفرز الملابس من حيث (البلاطين والبلايز) والسترات وغيرها من التصنيفات الفرعية.
وفي مرحلة لاحقةً تُفرز من حيث الجودة وتحدد كل قطعة إن كانت صالحة للاستخدام بشكل مباشر أم أنها بحاجة إلى تعديلات. أما الملابس المتهالكة التي تُقيَّم غير صالحة للاستخدام فتفرز بتصنيف آخر إذ تحول هذه الملابس إلى مصانع إعادة التدوير ليُستفاد من القماش والخيوط والجلود، فتباع لمصانع الملابس ويستفاد من عوائدها المالية بتقديم المساعدات أيضاً للمحتاجين.
أما الملابس الصالحة للاستخدام فتدخل عملية كاملة من الغسيل والكي والفرز حسب المقاس والموسمية وغيرها لتصبح جاهزة للتوزيع بمخازن الجهات القائمة على المشروع إذ توفر بعض البلديات خدمة “البازار الخيري” الذي يتيح للفقراء انتقاء ما يناسبهم من ملابس ضمن معايير معينة، أو توزع بناء على ما يناسب العائلات المحتاجة، فيما تلجأ هيئات خيرية أخرى إلى نقلها لخدمة المتضررين من الكوارث الطبيعية حال حدوثها، كما يحصل في تركيا من زلازل، وتشرف جهات أخرى على نقلها لخدمة الفقراء في مناطق النزاع والحرب.
مشاريع تجارية أيضاً
وإلى جانب العمل الخيري تدعم البلديات التركية المشاريع التي تساعد بتقليل النفايات وإعادة تصنيعها، وذلك لحماية البيئة في إطار توجُّه حكومي واسع لتطوير آليات فرز النفايات وإعادة تدويرها إذ عملت الحكومة التركية مؤخراً على مبادرة واسعة لتقليل استخدام الأكياس البلاستيكية لصالح الأكياس القماشية ذات الاستخدام طويل المدى، ما أدى إلى تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية إلى نسبة وصلت إلى 80%.
ومؤخراً دشنت بلدية “بي أوغلو” بإسطنبول مشروعاً بيئياً بالتعاون مع شركة عربية يهدف إلى إعادة تدوير الملابس، في خطوة أولى تستهدف مناطق أخرى بالبلاد، فجرى تخصيص عدة سيارات لجمع النفايات المفرزة بحاويات تجميع خاصة في أحياء البلدية الواقعة بقلب إسطنبول، من أجل إعادة استثمارها، في مشروع يرنو إلى توفير فرص عمل لنحو ألف شخص عقب استكمال مراحله في بقية أرجاء البلاد.
وفي كلمته بافتتاح المشروع قال رئيس بلدية “بي أوغلو” أحمد مصباح دميرجان إن “الرئيس رجب طيب أردوغان وعقيلته افتتحا حملة واسعة للحفاظ على البيئة. الحملة أساسها كيفية الاستفادة من النفايات واستغلالها عبر إعادة تدويرها، وإزالة الأضرار التي تخلفها هذه النفايات ومن هنا بدأ مشروع صفر نفايات، وجرى تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية، ولهذا يمكن إعادة تدوير هذه المصادر وإعادتها إلى أساسها من خلال جمع النفايات حسب تصنيفها”.
يقول رجل الأعمال اليمني عبد الجليل علي الشريفي صاحب شركة “إي جي” المستثمرة: “بدأنا تصنيع الحاويات وتوزيعها، والمرحلة التالية هي جمع الملابس قبل البدء بمرحلة الفرز، وبعدها إعادة التدوير بتحويلها إلى أمور أخرى”، موضحاً: “من الملابس ما يصلح للاستخدام فيجري توزيعه، ومنها ما يتحول إلى خيوط ويُجدَّد”، لافتاً إلى أن الاستثمار بهذا المشروع قد يصل إلى 70 مليون دولار.
المصدر : TRT عربي