منوعات
432 عامًا على وفاة أبرع مهندسي العمارة العثمانيين “معمار سنان”
تستمر آثار معمار سنان المعمارية بنيل الإعجاب والتقدير رغم مرور 432 عامًا على ذكرى وفاته، فقد خلدت آثاره التي ما زالت ماثلة حتى اليوم عبقريته وإتقانه لأعماله وإبداعه.
ولد في قرية “آغرناص” في قيصري عام 1490، وأرسلته عائلته إلى إسطنبول في عهد السلطان يافوز سليم عام 1511. انضم سنان إلى الجيش الانكشاري في عهد السلطان سليمان القانوني، وظل فيه 17 عاما والتحق بمدرسة عسكرية ابتدائية تعلم فيها القراءة والكتابة والفنون التطبيقية.
حصل سنان على تقدير السلطان القانوني أثناء حملة “قرة بوغدان” بتشييده جسرًا على نهر “بروت” خلال 13 يوما فقط، عُيّن بعد ذلك في منصب “كبير المعماريين”، ومنذ ذلك الحين اعتمد سنان ختما خاصا به نقش في منتصفه عبارة “الفقير الحقير سنان”.
ظل المعمار سنان رئيسا للمعماريين إلى أن توفي، ويُرمز إلى مراحل عمله بثلاث مراحل: مرحلة متدرب مبتدئ، ومرحلة المهارة، ومرحلة التفوق والامتياز. وقد شيد سنان جامع “شاه زادة” وسط إسطنبول في مرحلة المتدرب المبتدئ، وجامع السليمانية وسط إسطنبول أيضًا في مرحلة المهارة، وجامع السليمية بولاية أدرنة في مرحلة التفوق والامتياز.
جامع شاه زاده
آثاره المعمارية
للمعمار سنان 365 آثرا في الجغرافيا العثمانية، وهي عبارة عن 92 جامعًا، و52 مسجدًا، و55 مدرسة، و7 دور لتحفيظ القرآن الكريم، و20 مقبرة، و17 دارا للإمارة، و3 مستشفيات، و6 ممرات مائية، و10 جسور، و20 خانًا للقوافل، و36 قصرًا، و8 مخازن و48 حمامًا.
ولديه ما يقرب من 200 أثر في إسطنبول وما حولها، ضمت إسطنبول 100 منها، وما يزال 58 منها في هيئته الطبيعية.
ومن أبرز آثاره في إسطنبول ضريح القبطان “باربروس خير الدين” في منطقة بشيكتاش، وكلية “أتيك والدة سلطان” في أوسكودار، وقصر “إبراهيم باشا” في ميدان السلطان أحمد (متحف الفنون الإسلامية التركية)، وكان أول ما تبادر إلى ذهنه بناء مآذن لجامع آيا صوفيا. ومن آثاره أيضًا “المسبح الكبير” في كمربوغاز، وحمام “كتخدا خسرو” في أورتاكوي، وجسر “باب أغاسي” في حراميديرة، ومدرسة “الباشا سميز علي” في الفاتح.
أهم آثاره في مراحل عمله الثلاث
كانت أعمال معمار سنان المبتدأة في السنوات 1543 – 1548، أولها جامع “شاه زادة” الذي كان مخططه مربع الشكل، وبنى في مركزه قبة يحيط بها أربع أنصاف قبب، ودعم القبة بأربعة جدران قطرها 19 مترا وارتفاعها 37 مترا. وتحيط بالجامع ساحة فيها أروقة ذات أعمدة، في كل واجهة من واجهات الساحة خمس غرف ذات قباب ولهذه الغرف أقواس رخامية مخططة باللونين الأبيض والزهري.
أما جامع السليمانية الذي بناه في مرحلة المهارة، فقط وضع فيه قبة ضخمة قطرها 27,5 مترا وارتفاعها 53 مترا مثل الموجودة في آيا صوفيا، وعليها أعمدة تم جلبها من أماكن مختلفة. ويحوي فناء الجامع في زواياه الأربعة أربعًا من المآذن ذات الأحجام المختلفة، وتم بناء مئذنتين ارتفاعها 56 مترا وشرفتان في الجزء الشمالي من الفناء.
بنيت المئذنتان الأخريان بارتفاع 76 مترا، بجوار الجامع، في ثلاث شرفات، كما فتحت 32 نافذة في القبة الرئيسية للجامع لتوفير إضاءة جيدة وفقا لحسابات معمار سنان.
يوجد في فناء الجامع 28 رواقا، وتوجد نافورة في منتصف هذا الفناء مبنية على مخطط مستطيل. ويقع ضريح السلطان سليمان القانوني وزوجته حرم سلطان في الفناء الخارجي لجامع السليمانية.
جامع السليمانية
عصر سنان
يتربع جامع السليمية الذي شيده سنان في وقت تميزه على رأس تلة مساحتها 2475 مترا مربعا في ولاية أدرنة، وقد تم تشييده في مكان مختار بعناية يشرف على كافة أنحاء أدرنة ويبرز خبرة المعمار سنان في العمران ويظهر الجامع بمآذنه الأربعة للناظر من بعيد. لذلك يعد جامع السليمية من أعماله الممتازة، والذي سجل كأحد الآثار الرئيسية لفن العمارة العثماني وتاريخ العمارة العالمية، وتم بناؤه في عهد السلطان سليم الثاني.
بني الجامع من الحجر المقطوع على مساحة 1620 مترا مربعا من الداخل و2475 مترا مربعا مع فنائه. وترتفع قبته إلى 43,28 مترا فوق سطح الأرض، وتلفت الانتباه بقطرها الذي يبلغ 31,30 مترا. وقد صممت القبة بتصميم أكبر من قبة أيا صوفيا، وترتكز على ثماني دعائم عملاقة، عرضها ستة أمتار، وأربعة قباب في الزوايا وقبة نصف المحراب تدعم القبة المركزية.
توفي معمار سنان بسطنبول في 9 نيسان/ أبريل 1588، عن عمر يناهز 98 عامًا، وعُرفت فترة حياته لدى بعض المؤرخين بـ”عصر سنان”.
جامع السليمية
المصدر : ترك برس