مقالات وتقارير
محمد بن زايد .. من قيادة المؤامرات حتّى التربع على عرش الإمارات
مع تولي محمد بن زايد مقاليد الحكم في بلاده رسميا، بعد سنوات من التحكم في إدارتها وتقرير سياساتها الداخلية والخارجية من خلف الكواليس، يتبادر إلى الذهن كم المؤامرات التي قادها للوصول إلى اليوم الذي يتربع فيه على عرش الإمارات.
وبدأ نجم “محمد بن زايد” بالسطوع تحديدا بعد عام 2003 حينما أصدر الشيح زايد آل نهيان قرار بتعيينه نائبا لولي العهد الشيخ خليفة بن زايد الذي شغل منصب ولي العهد لقرابة أكثر من 30 عاما قبل هذا التاريخ، ليتولى رئاسة الدولة عقب وفاة والده في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004.
وازداد نفوذ محمد بن زايد وعلا نجمه أكثر فأكثر منذ عام 2014 حينما تعرض الشيخ خليفة بن زايد لجلطة أبعدته عن دائرة الحكم نهائيا حتى الإعلان عن وفاته، مما ترك المجال لولي العهد محمد بن زايد لينفرد بالحكم وينفذ سياساته ومؤامرته.
وفي هذا الملف، تستعرض “تركيا اليوم” سيرة “محمد بن زايد” من طفولته حتى تحقيق هدفه الأسمى الذي تمثل في تربعه على عرش الإمارات .
مولده وطفولته ونشأته العسكرية
ولد محمد بن زايد بمدينة العين في 11 مارس/آذار 1961، وهو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات، ووالدته الشيخة فاطمة بنت مبارك، وزوجته سلامة بنت حمدان آل نهيان، ولديه 4 أولاد و5 بنات.
وأتمّ محمد بن زايد سنواته الدراسية بين مدينتي العين وأبوظبي، وتدرج في المراحل الدراسية بمدارس الدولة والمملكة المتحدة.
في سن الـ 14 ، أرسله والده إلى المغرب والتحق بالمدرسة المولوية ليكون صداقة قوية مع محمد السادس الذي تولى الحكم خلفا لوالده الملك الحسن الثاني.
والتحق محمد بن زايد لاحقا بأكاديمية “ساندهيرست” العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة وتخرّج منها عام 1979. حيث تلقى تدريبه على سلاح المدرعات والطيران العمودي والطيران التكتيكي والقوات المظلية، وانضم إلى دورة الضباط التدريبية في إمارة الشارقة.
وشغل محمد بن زايد مناصب عدّة في القوات المسلحة الإماراتية، من ضابط في الحرس الأميري، إلى طيار في القوات الجوية، ثم تدّرج في عدّة مناصب عليا، إذ تولى ولاية عهد إمارة أبوظبي في نوفمبر 2004، وأصبح رئيساً للمجلس التنفيذي في ديسمبر/كانون اول 2004 حتى وصل إلى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في يناير/كانون الثاني 2005.
أشقاء محمد بن زايد
محمد بن زايد هو الإبن الثالث للرئيس الإماراتي الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة أبو ظبي من زوجته الثالثة فاطمة بنت مبارك الكتبي، ولديه 18 أخا آخرين، أكبرهم الرئيس الراحل خليفة بن زايد، ثم يتبعه سلطان بن زايد، وهما الأكبر سنا منه.
أما من هم أصغر منه سنا: سيف، حمدان، هزاع، سعيد، نهيان، عبدالله، طحنون، منصور، خالد، أحمد، حامد، ناصر، فلاح، ذياب، عمر، وعيسى بن زايد آل نهيان.
ووفق ما هو معلوم، فإن جميع أشقاء محمد بن زايد لا يزالون على قيد الحياة باستثناء الشيخ خليفة بن زايد الذي رحل يوم 13 مايو/آيار الجاري، وناصر بن زايد الذي توفي في يونيو/حزيران في حادث تحطم طائرة مروحية فوق بحر الخليج عام 2008، وأحمد بن زايد الذي أعلن عن وفاته في مارس آذار 2010 بعد العثور على جثته في بحيرة سد بالمغرب جراء سقوط طائرته الشراعية.
هل قتل محمد بن زايد شقيقيه ناصر وأحمد؟!
أكدت العديد من الروايات بأن محمد بن زايد هو من وقف خلف تدبير مؤامرات قتل أخوية غير الشقيقين، لينفرد بالحكم.
وفي هذا السياق، سبق وان كشف البروفيسور في العلوم السياسية والمعارض السعودي السابق، الدكتور كساب العتيبي في سلسلة تغريدات رصدتها “وطن” آنذاك، بعض التفاصيل المخفية والتي تتعلق بحادث مقتل أحمد بن زايد الذي كان يرأس (صندوق أبو ظبي للإستثمار) قبل عدة سنوات في المغرب مؤكدا أن الحادث هو عبارة عن عملية اغتيال.
ولمح العتيبي إلى تورط ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد بسبب صفقة أراد الاستحواذ عليها تقدر بالمليارات. في حين تحدى السلطات الإماراتية بفتح تحقيق حول الحادث واستجواب مدرب الطيران الذي كان برفقة أحمد بن زايد وقد نجا من حادث سقوط الطائرة فيما لقي أحمد بن زايد حتفه.
وقال حينها أن “أحمد بن زايد هو أخٌ شقيق لكلٍ من سيف بن زايد ، وحامد بن زايد ، وخالد بن زايد. كان أقواهم شخصية وحضوراً. وحامد الذي خلفه في منصبه هو أضعفهم”.
وشرح العتيبي قصة الخلاف حينها بأنه “حصل خلاف شديد بين أحمد بن زايد وبين محمد بن زايد (البقرة الحلوب) وبين منصور بن زايد حول شراء الأخير بنك (Barclays) الإنجليزي.
ووفق قول العتيبي: “اشترى منصور أسهُم البنك بـ 10 مليار دولار، قام ببيعها بعد أربع سنوات بـ 6 مليار ثم أعاد 4 مليار لجهاز أبوظبي للاستثمار ولهط 2 مليار لنفسه وقبل ذلك اشترتْ أبوظبي أسهُم (الستي بانك) بـ 4 مليار جنية استرليني بضغط من الولايات المُتحدة ، 13 دولار لكل سهم أملاً أن تُباع بـ 35 دولارا ونزلت أسهُم (الستي بانك) لـ 3 دولارات (لعب أطفال). وكل هذا الأموال كانت تؤخذ من جهاز أبوظبي للاستثمار الذي كان أحمد بن زايد يرأسه.”
وأكد العتيبي في روايته ان أحمد بن زايد غضب من تلاعب منصور بن زايد واستغلاله لأموال الأجيال الإماراتية لمصلحته الشخصية ولأخيه محمد بن زايد فواجههم بكل مسؤولية واتضح من (مصدر موثوق) أن سبب مقتل أحمد بن زايد (حزامه). حيث تلاعب به المُتلاعبون وأوثقوا ربطه بقوة فلم يُفتح. فقُتل يرحمه الله” وفق ما قاله الأكاديمي السعودي.
وأكد ان المُدرب الإسباني (مانويل) اختفى فجأةً، ولم يعلم مكانه أحد سوى مُدبّري جريمة الاغتيال (والله أعلم بهم). مضيفاً: المُدرّب موجود الآن في أسبانيا.
وكشف العتيبي قائلا: “قام محمد بن زايد بعدها بتعيين حامد بن زايد خلفاً لشقيقه أحمد بن زايد على رأس جهاز أبوظبي للاستثمار. وحامد هذا ضعيف الشخصية بشكل مُذهل!!”
كيف تخلص “ابن زايد” من شقيقه ناصر؟!
أكدت روية نشرتها المعارضة الإماراتية بأن الشقاق والدسائس والمكائد بدأت عند أبناء زايد عند محاولة فاطمة بنت مبارك نقل الحكم إلى ابنها البكر “محمد بن زايد” عقب إجراء رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 2000 عملية جراحية عاجلة بعد ان وقع في العيادة في كليفلاند (اوهايو، شمال شرق) وكسر وركهن بعد 3 أسابيع فقط من إجرائه عملية زرع كلية.
وبحسب الرواية، فقد استغل محمد بن زايد غياب والده لإجراء تحوير في ولاية العهد، الامر الذي دفع حينها ولي العهد خليفة بن زايد لتحريك القوات العسكرية والامنية الموالية له خشية حدوث انقلاب مسنود بغضب بعض النافذين من أبناء العائلة وعلى رأسهم هزاع بن زايد أحد أبناء فاطمة.
وبعد وفاة الشيخ زايد، بدأت التصفيات حول الميراث ثم تحول الخلاف إلى نفوذ وسلطة، وبسبب توسع نفوذ ناصر بن زايد ومن بعده شقيقة الشيخ أحمد بن زايد، شعر محمد بن زايد بخطرهما فقرر تصفيتهما، وينتهي الحال بقتل الشيخ ناصر بن زايد عن طريق إسقاط مروحيته في الخليج عام 2008، ومن بعده شقيقه أحمد بن زايد عام 2010.
الإمارات تحاكم صحيفة “وطن” دون إخطارها
وكانت الإمارات قد حاكمت صحيفة وطن – يغرد خارج السرب عام 2013 دون اخطارها أو تبليغها بفحوى الاتهام. وعلمت “وطن” حينها من الصحف الإماراتية بأن اتهامات وجهت لناشرها “نظام المهداوي” بأنه عضو مخضرم – على حد وصف جهاز أمن الدولة – بالتنظيم العالمي للإخوان وانه قدم دعما عبر صحيفته لـ”المتهمين” وهي التهمة التي أثارت تندر متابعي “وطن” وقتذاك وخصوصا أن بعضهم ينتقد “ليبراليتها” التي يصفونها بالزائدة.
وتهمة الإنتماء إلى الإخوان غالبا ما تستخدمها الإمارات ضد من ينتقد سياساتها ودورها في التخطيط ودعم الثورات المضادة. على الرغم بأن اعضاء التنظيم لا يخفون انتماءاتهم للإخوان.
وعلى مدى أعوام عديدة مارست الإمارات ضغوطا كثيرة لاغلاق موقع “وطن” ومن بين تلك الضغوط تهديدات شركات الخوادم التي تحتضن الموقع بالإضافة إلى تعرضه إلى هجمات إلكترونية مستمرة.
وبسبب ضغوط الإمارات الغت وكالة إعلان مقرها دبي عقدا سنويا احتكاريا لاعلانات تنشر في الموقع بالتزامن مع وسائل ضغط اخرى مارستها اجهزة أمن الإمارات وتهديدات ضد ناشرها “نظام المهداوي”.
يذكر ان موقع “وطن” تم حجبه في الإمارات حتى قبل صدور الأمر القضائي. وعادة ما تحجب الإمارات المواقع التي تخالف سياساتها بدون أمر قضائي لكنها حاكمت وطن ضمن محاكمتها لأكثر من تسعين إماراتي اتهمتهم بمحاولة قلب نظام الحكم واتهمت الصحيفة بأنها قدمت دعما لمواطنيها.!
ووصفت منظمات حقوقية كثيرة هذه المحاكمات بالهزلية وانها تفتقر للعدالة وانها محاكمات مسيسة جاءت ردا على مطالبة المتهمين بالإصلاح عبر كتاب تم توجيهه لرئيس الدولة.